للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دع عنك ما دون ذلك من فلك الرياح وفلكي الليل والنهار وفلك المياه، وهي جسم نيِّر سراجي عمَّ ضياؤه ما سُمي نهارًا، فكان ذلك سبب شهرتها واضطرار الأبصار إلى رؤيتها دون تظامِّ من أحدٍ إلى أحدٍ، ولا يُضار" (١).

إلى أن قال: "ولو كان ما ذكروه من عظيم جرمها وتضعيف ذلك على جرم الأرض على ما زعموه لكانت الأرض في حجمها كالنقطة؛ والمعهود المتعارف أن ظلال الأشخاص يعظُم مع القرب ويستدِّق على البعد، وفي مثل بُعد ما بين الأرض وما بينها يوجد ذلك، وذلك كله دليلٌ على قصورها وبعضها عن العِظم الذي وصفوها به" (٢).

وقال في تفسير سورة هود: "جاء عن رسول اللَّه أنه سُئل: أين كان ربُّنا يا رسول اللَّه قبل أن يخلق خلقه؟ قال: "في عماء ما تحته هواء وما فوقه هواء" فأعلمَ صلوات اللَّه عليه بحديثه هذا أن العماء للعرش بمنزلة العرش للماء، ويأتي من مفهوم هذا أن اللَّه تعالى خلق الماء من الهواء، كذلك فتق بالهواء فيما شاء مما هو العرش، رتق الماء ثم أوجده في ذلك الفتق ما شاء من خليقته، آية ذلك في الشاهد خلقه الماء في الهواء بواسطة الرياح المرسلة بأمره الدالة على الروح منه" (٣).

إلى أن قال: "أفلا يرون أن اللَّه يخلق الماء من الهواء ثم يُصير الماء إلى الهواء ثم يُعيده إلى الماء إذا شاء" (٤).

وقال في قوله: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ﴾ [المؤمنون: ١٧]: "هن السموات الدنيا اللاتي دون السموات العلى التي جُعل القمر فيهن نورًا والشمس سراجًا" (٥).

قال أبو يوسف يعقوب بن إسحاق الكندي الفيلسوف (٦) في رسالته في المد والجزر: "فأما جسم القمر فقريب من حرز أربعين من الأرضين، فأما الشمس فمثل الأرض مائة وستة وستين مرة وثلاثة أثمان، وأما زحل فأقل من تسعين مرة".


(١) انظر: تفسير ابن برجان (٢/ ٢٣٨).
(٢) انظر: نفس المصدر (٢/ ٢٣٩).
(٣) انظر: المصدر السابق (٣/ ١٣).
(٤) انظر: المصدر السابق (٣/ ١٧).
(٥) انظر: المصدر السابق (٤/ ٨٨).
(٦) يعقوب بن إسحاق بن الصباح الكندي الأشعثي الفيلسوف، صاحب الكتب، من ولد الأشعث بن قيس أمير العرب، كان رأسا في حكمة الأوائل ومنطق اليونان والهيئة والتنجيم والطب وغير ذلك، كان يقال له: فيلسوف العرب، وكان متهما في دينه، بخيلا، ساقط المروءة، وله نظم جيد وبلاغة وتلامذة، هم بأن يعمل شيئًا مثل القرآن، فبعد أيام أذعن بالعجز. انظر: السير للذهبي (١٢/ ٣٣٧).