للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى أن قال: "الفرقة الثانية: أصحاب فيثاغورس وهم الذين قالوا المبادئ هي الأعداد المتولدة من الوحدات، اعلم أنه حُكي عنه أنه قال: مبادئ الأشياء هي الأعداد المتولدة من الواحدات، وزعم أن الأعداد التي هي فوق العشرة تولُّدُها إنما يكون من العشرات أو منها ومن أجزائها، وأما العشرة فإنها متولدة من الواحد والاثنين والثلاثة والأربعة، والأربعة أصل العدد لا سيما أنها على جميع أجزاء العشرة إذ فيها الواحد والاثنان والثلاثة والأربعة، ثم زعم أن الواحدة إن كانت مجردة عن الوضع فهي مجرد وِحدة، وإن صارت ذات وضع فهي النقطة، والاثنان إن كانا مجردين فهما مجرد وِحدتين، وإن صارا ذا وضع فهو الخط، والثلاثة إن كانت مجردة فهي مجرد ثلاث واحدات، وإذا صارت ذات وضع فهو السطح، والأربعة إن كانت مجردة فهي مجرد أربع وحدات، وإن صارت ذات وضع فهي الجسم، وبالجملة فإنه زعم الكم المنفصل الهيولي، والكم المتصل صورة".

قال: "وأما القسم الرابع وهو أن يقال: العالم مُحدّث الذات قديم الصفات، فذلك مما لا يقول به عاقل" (١).

ذكر قسطا بن لوقا البعلبكي (٢) في كتابه في "الفرق بين الروح والنفس": "أن في البدن الإنساني روحين، أحدهما: يقال له الحيواني، ومادته الهواء وينبوعه القلب مبعث الشريانات إلى سائر البدن، فيفعل الحياة والنبض والتنفس، والآخر: يقال له النفساني، مادته الروح الحيواني وينبوعه الدماغ، ويفعل في الدماغ نفسه الفكر والذكر والروية". ثم قال: "القول في النفس: أما النفس فإن وصفها على حقيقتها صعبٌ يعتاص جدًا، والدليل على ذلك اختلاف كل الفلاسفة فيها، وكذلك من بعدهم".

وذكر في الفصل بين الروح والنفس: "أن الروح جسم والنفس لا جسم". بل قال: "هي جوهر".

قال: "وإن الروح تجري في البدن، والنفس لا تجري فيه، وإن الروح إذا فارق البدن بطلَ، والنفس تبطل أيضًا إما من البدن ولا تبطل هي بذاتها، وأن النفس تحرك البدن، وتُنيله الحس والحياة ولكن بتوسط الروح،


(١) جميع النقل السابق هو من شرح القزويني على محصل الرازي. وهو لا يزال مخطوطا.
(٢) قسطا بن لوقا البعلبكي فيلسوف شامي نصراني كان في أيام المقتدر باللَّه دخل إلى بلاد الروم وحصل من تصانيفهم الكثير وعاد إلى الشام واستدعى إلى العراق ليترجم كتبا ويستخرجها من لسان يونان إلى لسان العرب وعاصر يعقوب بن إسحاق الكندي وكان قسطا متحققا بعلم العدد والهندسة والنجوم والمنطق والعلوم الطبيعية ماهرا في صناعة الطب. انظر: أخبار العلماء للقفطي (ص ١٩٩).