للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الوجه الثالث: الحديث دليل على النهي عن قراءة القرآن في حال الركوع والسجود، وفي معنى ذلك - أيضاً - حديث علي رضي الله عنه قال: (نهاني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن أقرأ راكعاً أو ساجداً)، وفي رواية: (نهاني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن القراءة في الركوع والسجود، ولا أقول: نهاكم) (١).

وذلك لأن القراءة محلها القيام أو القعود في حق من يعجز عن القيام، والقرآن أشرف الكلام، فناسب أن يكون في حال القيام، وهي حال الرفعة تعظيماً لكلام الله تعالى وتكريماً للقارئ القائم مقام الكليم، أما الركوع والسجود فحالتا ذل وانكسار وانخفاض، فيناسب فيه تعظيم الرب ودعاؤه والتضرع بين يديه.

الوجه الرابع: الحديث دليل على وجوب تعظيم الرب في حال الركوع ويكون ذلك بالصيغة الواردة في حديث حذيفة رضي الله عنه المتقدم: ( .. ثم ركع فجعل يقول: سبحان ربي العظيم … ، ثم سجد فقال: سبحان ربي الأعلى … ). وقد ورد عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: (لما نزلت: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} [الواقعة: ٧٤]، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «اجعلوها في ركوعكم»، فلما نزلت: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} [الأعلى: ١] قال: «اجعلوها في سجودكم» (٢)).


(١) أخرجه مسلم (٤٨٠).
(٢) أخرجه أبو داود (٨٦٩) وابن ماجه (٨٨٧) وأحمد (٢٨/ ٦٣٠)، من طريق موسى بن أيوب الغافقي، قال: (سمعت عمي إياس بن عامر يقول سمعت عقبة بن عامر يقول: فذكره … ) وإسناده فيه مقال، لأن فيه موسى بن اْيوب وثقه ابن معين وأبو داود، وقال الحافظ في "التقريب": (مقبول)، وفيه إياس بن عامر مختلف فيه، قال الذهبي في "تلخيص المستدرك" (١/ ٢٢٥): (ليس بالمعروف)، وذلك لأنه لم يرو عنه غير ابن أخيه موسى بن أيوب، وقال العجلي: (لا بأس به)، وذكره ابن حبان في "الثقات" (٣/ ٣٣ - ٣٥)، وقال في "صحيحه" (٥/ ٢٢٦): (إياس بن عامر من ثقات المصريين)، وصحح له ابن خزيمة كما في "التهذيب"، وقال الحافظ في "التقريب": (صدوق)، وقد حسن الحديث النووي في "الخلاصة" (١٢٥٥) وفي "المجموع" (٣/ ٤١٣)، وضعفه الألباني في "الإرواء" (٢/ ٤٠) والحديث له شواهد، انظر: "أصل صفة الصلاة" (٢/ ٦٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>