للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الثاني: أن أبا داود الحفري لم ينفرد به، فقد تابعه محمد بن سعيد الأصبهاني، ثنا حفص بن غياث به، أخرجه الحاكم (١/ ٢٥٨) وعنه البيهقي (٢/ ٣٠٥)، قال الحافظ: (وفي هذا تعقب على النسائي في دعواه تفرد أبي داود الحفري) (١) والأصبهاني ثقة، وحفص بن غياث ثقة - أيضاً - إلا أنه في الآخر ساء حفظه، فقد يكون هذا الحديث مما أخطأ فيه (٢)، وحميد هو الطويل كما في «الكبرى» وعند ابن حبان والبيهقي (٣).

الوجه الثاني: استدل الفقهاء بهذا الحديث على أن الأفضل للمصلي إذا كان يصلي جالساً أن يتربع في محل القيام (٤).

وصفة التربع: أن يجعل باطن القدم اليمنى تحت الفخذ اليسرى، وباطن القدم اليسرى تحت الفخذ اليمنى، ويضع الكفين على الركبتين، لأجل التفريق بين قعود القيام والقعود الذي في محله، إذ لو كان مفترشاً لم يكن هناك فرق بين الجلوس في محله وبين الجلوس الذي هو بدل من القيام.

قالوا: ولأن التربع أكثر راحة وخشوعاً، بخلاف ما إذا جلس على رجله اليسرى مفترشاً فقد يتعب، ولا سيما إذا طالت القراءة، كما في صلاة الليل، وهذا قول الجمهور.

ولو صلّى على غير هذه الحال أجزأ، لأن التربع - كما يقول المروزي - لم يأت في شيء من الأخبار إلا في هذا الحديث وفيه ما تقدم، ولم يثبت في كيفية جلوس المصلي قاعداً عن النبي صلّى الله عليه وسلّم شيء، وفي حديث عمران بن حصين رضي الله عنهما: (صلِّ قائماً فإن لم تستطع فقاعداً)، وسيأتي إن شاء الله في باب «صلاة المسافر والمريض».


(١) "النكت الظراف" (١١/ ٤٤٣).
(٢) "مختصر قيام الليل" للمروزي ص (١٨٤)، "شرح العلل" لابن رجب (٢/ ٥٩٣)، "هدي الساري" ص (٣٩٨) "التلخيص" (١/ ٢٤١).
(٣) انظر: "تهذيب التهذيب" (٣/ ٣٨).
(٤) انظر: شرح الزركشي على مختصر الخرقي" (٢/ ٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>