للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يجبر ضعف الضعفاء من عباده، ويجبر كسر القلوب المنكسرة من أجله، الخاضعة لعظمته وجلاله، بما يفيض عليها من أنواع كراماته وأصناف المعارف والأحوال الإيمانية، ويجبر المصاب فيوفقه للثبات والصبر ويعوضه من مصابه أعظم الأجر إذا قام بواجب ذلك.

قوله: (وارفعني) دعاء بطلب الرفعة، وهذا شامل للرفعة في الدنيا بعلو المنزلة والذكر الحسن، والرفعة في الآخرة بعلو المنزلة في الجنة.

الوجه الثالث: استدل الفقهاء بهذا الحديث على مشروعية هذا الدعاء في الجلسة بين السجدتين، وقد ورد في حديث حذيفة رضي الله عنه أنه صلّى الله عليه وسلّم كان يقول بين السجدتين: «رب اغفر لي، رب اغفر لي» (١)، فالجلوس بين السجدتين محل دعاء، فينبغي للمصلي أن يدعو بهذا الدعاء المأثور، وإن أضاف إليه دعاء بسؤال الجنة أو النجاة من النار أو صلاح قلبه أو عمله أو صلاح المسلمين وما أشبه ذلك فلا بأس به.

وقد جاء في بعض الروايات تقييده بصلاة الليل، وهذا لا ينفي مشروعية هذا الدعاء في الفريضة، لما تقدم من أن ما جاز في النفل جاز في الفرض، إلا ما دل الدليل على تخصيصه به، وقد حكى الترمذي ذلك عن الشافعي وأحمد وإسحاق، وقال: (إنهم يرون هذا جائزاً في المكتوبة والتطوع) (٢).

وقد نص الفقهاء - ومنهم الحنابلة - على أن الواجب من ذلك مرة واحدة، والأفضل أن يكررها، لحديث حذيفة رضي الله عنه.

والدعاء بما جاء في هذا الحديث يتضمن جلب خير الدنيا والآخرة، ودفع شر الدنيا والآخرة، فإن الرحمة تُحصِّل الخير، والمغفرة تقي الشر، والهداية توصل إلى هذا وهذا، والرزق ما به قوام البدن والروح والقلب، كما تقدم (٣).


(١) أخرجه أبو داود (٨٧٤) والنسائي (٢/ ١٩٩ - ٢٠٠) وابن ماجه (٨٩٧) وأحمد (٣٨/ ٣٩٢ - ٣٩٣) وسنده حسن.
(٢) "جامع الترمذي" (٢/ ٧٧) "مسائل الإمام أحمد وإسحاق" برواية المروزي (٢/ ٥٧٥).
(٣) "الصلام وحكم تاركها" لابن القيم ص (١٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>