للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ابن هشام أن سرية بئر معونة سنة أربع من الهجرة (١).

قوله: (يا أبتِ) منادى حذفت منه ياء المتكلم، وعوض عنها تاء التأنيث، وبنيت على الكسر لتدل على الياء المحذوفة، والأصل: يا أبي، ومنه قوله تعالى: {إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَاأَبَتِ} [مريم: ٤٢] فقد قرأ السبعة إلا ابن عامر بالكسر، وهذا هو الأكثر في هذا المنادى، وهو كلمة (أب) المضاف للياء.

قوله: (أي بني) منادى بـ (أي)، والأصل أنها لنداء البعيد، لكن قد ينزل القريب منزلة البعيد للإشعار بأنه رفيع القدر ذو مكانة عالية.

قوله: (محدث) أي: أمر مبتدع في الدين لم يرد به الشرع، والظاهر أن المراد بذلك المداومة على القنوت وأن ذلك محدث، لأنه إنما يشرع عند الحاجة إليه في بعض الأحيان كما سيأتي، ويحتمل أنه ما صلى خلفهم في الوقائع فسماه محدثاً، والعلم عند الله تعالى.

الوجه الرابع: الأحاديث الثلاثة دليل على مشروعية القنوت في النوازل، وقد نقل ابن منظور عن ابن سيده أنه قال: النازلة: الشدة من شدائد الدهر تنزل بالناس (٢)، نسأل الله العافية، وقد مثل لها العلماء بالزلازل والجدب والسيول والمجاعات ونحو ذلك، والظاهر أن هذه لا قنوت فيها، لأنها أمر نزل من الله تعالى، بل يشرع له ما دلَّت عليه السنة من صلاة الاستسقاء عند الجدب، وما ورد من بعض الآثار عن الصحابة رضي الله عنهم في الصلاة عند الزلزلة، كما سيأتي ذلك إن شاء الله.

وإنما يشرع القنوت عند تسلط الأعداء على المسلمين وديارهم، فيدعو لهم ويدعو على أعدائهم، لفعل النبي صلّى الله عليه وسلّم، فقد دعا النبي صلّى الله عليه وسلّم على من قتل القراء في بئر معونة، ودعا للمستضعفين من أهل مكة، كما ورد في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول حين يفرغ من صلاة الفجر من القراءة ويكبر ويرفع رأسه: «سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد»، ثم يقول


(١) "السيرة" (٣/ ١٩٣).
(٢) "لسان العرب" (١١/ ٦٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>