للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بين أصحاب عاصم بن كليب، وعدها بعض العلماء من زيادة الثقة، وقد قال عنه الحافظ في «التقريب»: (ثقة ثبت)، ومن هؤلاء الألباني (١)، وهذا هو الذي يشعر به صنيع الإمام البيهقي، فإنه قال: (يحتمل أن المراد بالتحريك: الإشارة، لا تكرير تحريكها) (٢)، ومعلوم أن التأويل فرع التصحيح، وإلا لبادر بالحكم عليها بالشذوذ، وقد أفتى بمقتضاها الشيخ عبد العزيز بن باز (٣).

لكن قد يقال: إن زائدة بن قدامة قد انفرد بهذه اللفظة من بين أصحاب عاصم بن كليب، وهم ثقات أثبات، يزيدون على عشرة أنفس، كلهم يقتصر على ذكر الإشارة بالسبابة دون تحريكها، مما يدل على أن زائدة وَهِمَ فيها، ثم إن روايتهم مؤيدة بالأحاديث الصحيحة التي فيها الإشارة بالسبابة بدون تحريك، وفي حديث ابن الزبير: (وكان يشير بإصبعه إذا دعا، ولا يحركها) (٤)، وكذا ورد في حديث ابن عمر عند مسلم بلفظ: (ورفع إصبعه


(١) "تمام المنة" ص (٢١٩).
(٢) "السنن الكبرى" (٢/ ١٣٢).
(٣) "الفتاوى" (١١/ ١٨٥).
(٤) أخرجه أبو داود (٩٨٩) والنسائي (٣/ ٣٧) وغيرهما من طريق حجاج بن محمد المِصِّيصي الأعور، عن ابن جريج قال: أخبرني زياد بن سعد، عن محمد بن عجلان، عن عامر بن عبد الله بن الزبير، عن عبد الله بن الزبير به، وقد صححه النووي في "المجموع" (٣/ ٣٩٨) وابن الملقن في "خلاصة البدر المنير" (١/ ٣٩) لكن هذا فيه نظر، كما قال ابن القيم في "زاد المعاد" (١/ ٢٣٨) وذلك لأن الإمام مسلمًا أخرج الحديث بطوله، وليس فيه هذه الزيادة: (ولا يحركها)، وكذا أخرج الحديث بدونها ابن خزيمة (١/ ٣٣٥) وابن حبان (٥/ ٢٧١)، فالظاهر أنها زيادة كير محفوظة، تفرد بها ابن جريج، فإِن ستة من الحفاظ الثقات رووا الحديث عن محمد بن عجلان، ولم يذكرها واحد منهم. وهم: سفيان بن عيينة، عند أبي يعلى (٦٨٠٦)، وروح بن القاسم، عند الطبراني في "الكبير" (١٣/ ١٠١)، والليث بن سعد، عند مسلم (١١٣/ ٥٧٩)، ويحيى بن سعيد القطان، عند أحمد (٢٦/ ٢٥)، وأبي داود (٩٩٠)، والنسائي (٣/ ٣٩)، وابن خزيمة (٧١٨)، وابن حبان (١٩٤٤) وغيرهم، وأبو خالد الأحمر عند مسلم (٥٧٩)، (١١٣) وكيره، وسليمان بن بلال، عند الطبراني في "الكبير" (١٣/ ١٠)، وعلي هذا فهي زيادة غير محفوظة، وللشيخ فريح بن صالح البهلال بحث في هذا الحديث، وقد أطلعني عليه -أثابه الله- وهو لم يطبع وقت تحرير هذا الكلام، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>