للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حصل بعد نزول الآية، فهم سألوا عن كيفية الصلاة عليه وصفتها، لأنه لما تقدم لهم أن السلام بلفظ مخصوص فهموا منه أن الصلاة - أيضاً - لها لفظ مخصوص.

قوله: (فسكت) لفظ مسلم: (فسكت رسول الله حتى تمنينا أنه لم يسأله) وفي رواية الطبراني: (فسكت حتى جاء الوحي) وإنما تمنى الصحابة أنه لم يسأله خشية أن يكون صلّى الله عليه وسلّم كره سؤاله لما تقرر عندهم من النهي عن ذلك في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: ١٠١].

قوله: (اللهم صَلِّ على محمد) أي: أثنِ عليه بالذكر الجميل في الملأ الأعلى، وهذا أحسن ما قيل في معنى صلاة الله على نبيه، كما قاله أبو العالية، وذكره عنه البخاري في «صحيحه» (١).

قوله: (وآل محمد) أي: أتباعه على دينه، ويدخل فيهم دخولاً أولياً أتباعه من قرابته لأنهم آل من جهتين: من جهة الاتباع، ومن جهة القرابة.

قوله: (كما صليت على آل إبراهيم) الكاف للتشبيه، وهذا هو المشهور عند كثير من أهل العلم، لكن يرد عليه القاعدة البلاغية، وهي أن المشبه به أقوى من الشبه وهنا بالعكس، لأن محمداً صلّى الله عليه وسلّم وآله أفضل من إبراهيم وآله، وقد أجاب العلماء عن ذلك بأجوبة كثيرة، أوصلها الحافظ إلى عشرة (٢)، وقد ذكرها قبله ابن القيم وزيف أكثرها، ثم قال: (والأحسن منه أن يقال هو صلّى الله عليه وسلّم من آل إبراهيم، فإبراهيم أبوه، فكأنه سئل للرسول صلّى الله عليه وسلّم الصلاة مرتين مرة باعتبار الخصوص ومرة باعتبار العموم) (٣).

والأحسن أن تكون الكاف للتعليل، وما مصدرية، أي: كصلاتك على آل إبراهيم، ومنه قوله تعالى: {وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ} [البقرة: ١٩٨]، أي: لهدايته إياكم. والمعنى: كما أنعمت بالصلاة على آل إبراهيم فأنعم بالصلاة


(١) "فتح الباري" (٨/ ٥٣٢).
(٢) "فتح الباري" (١١/ ١٦١).
(٣) "جلاء الأفهام" ص (١٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>