للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ـ بالضم - رذالة، والوصف أرذل، بمعنى أردأ، وأرذل العمر هو بلوغ الهرم والخَرَفِ. فيكون بمنزلة الطفل، ضعيف البنية، سخيف العقل، قليل الإدراك.

قوله: (وأعوذ بك من فتنة الدنيا) المراد بها: الإنهماك في شهواتها وملذاتها بحيث يكون همه جمعها والحرص عليها، حتى تلهيه عن القيام بالواجبات التي خلق لها، وتصده عن ذكر الله تعالى وما فيه سعادته وفلاحه.

الوجه الرابع: الحديث دليل على فضل الدعاء والاستعاذة بالله تعالى من هذه الأخلاق الذميمة والأحوال السيئة، وهي البخل والجبن والرد إلى أرذل العمر وفتنة الدنيا وعذاب القبر، وهي أمور عظيمة في السلامة منها سعادة العبد وفلاحه.

ويكون ذلك في دبر الصلاة، والمراد هنا: ما قبل السلام، لأن دبر الشيء ما اتصل به - كما تقدم - ولأن هذا هو الأليق بقوله صلّى الله عليه وسلّم: «ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه»، فكل نص في الدعاء مقيد بدبر الصلاة فإنه يحمل على آخرها قبل السلام؛ ليكون الدعاء في المحل الذي أرشد النبي صلّى الله عليه وسلّم إلى الدعاء فيه.

وهذا هو الأظهر إن شاء الله، وهو أن ما ورد من الدعاء في دبر الصلاة فيراد به ما قبل السلام، لأن هذا هو اللائق بحال المصلي فإنه مقبل على ربه يناجيه. ويتضرع إليه، ولا سيما قرب إنهاء هذه العبادة العظيمة التي شرع له فيها الثناء على ربه بكلمات التحية، ثم اتباع ذلك بالصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلّم، ثم أُمر بالدعاء بما يحب من خيري الدنيا والآخرة.

أما ما بعد السلام فهو حال انصراف، فالثناء والذكر أولى في هذه الحال، كما قال تعالى: {فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلى جُنُوبِكُمْ} [النساء: ١٠٣]، فكل نص في الذكر مقيد بدبر الصلاة فإنه يحمل على ما بعدها؛ ليطابق الآية الكريمة.

وهذا ما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية (١)، ونقله عنه تلميذه ابن القيم (٢)، واختاره الشيخ عبد العزيز بن باز.


(١) "الفتاوى" (٢٢/ ٥١٨ - ٥١٩).
(٢) "زاد المعاد" (١/ ٢٥٧ - ٣٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>