للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أفعاله عن كل شر وظلم، وهو السلام الحق من كل وجه.

قوله: (ومنك السلام) أي: السلامة، والمعنى: منك يرجى السلام ويستفاد، لأنك واهب ذلك في الدنيا والآخرة.

قوله: (تباركت) تقدم في شرح دعاء الاستفتاح، عند الحديث (٢٧٢).

قوله: (يا ذا الجلال والإكرام) في حديث عائشة الآتي: (تباركت ذا الجلال والإكرام) والجلال مصدر الجليل، يقال: جليلٌ بَيِّنُ الجلالة، والجلال: عِظَمُ القدر والتناهي في ذلك، والمعنى: أن الله تعالى هو المستحق أن يُجَلَّ ويكرم، فلا يجحد ولا يكفر به.

الوجه الثالث: الحديث دليل على أنه يشرع للمصلي إذا سلم من صلاته أن يقول: (أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام). وظاهر الحديث أن هذا الذكر هو أول ما يبدأ به المصلي بعد الانصراف، وهذا الذكر بعد السلام في غاية المناسبة، فإن فيه إشارة إلى أن المصلي لم يقم بحق عبادة ربه، لأنه لا يخلو غالباً من الوساوس والخواطر في صلاته، فشرع له الاستغفار بعد انتهاء صلاته، تداركاً لما فاته من الخشوع، وجبراً لما حصل فيها من الخلل.

وقد دلت السنة على أن الإمام يقول ذلك قبل أن يستقبل المأمومين، كما في حديث عائشة رضي الله عنها قالت: (كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا سلم لم يقعد إلا مقدار ما يقول: «اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت ذا الجلال والإكرام»، وفي رواية: «يا ذا الجلال والإكرام» (١)).

وأما زيادة لفظ: (وتعاليت) بعد لفظ: (تباركت)، فهي وإن كانت من ألفاظ الثناء على الله تعالى ووردت في أحاديث أخرى - كما تقدم في دعاء القنوت - إلا أنه لا أصل لها في هذا الموضع، والله أعلم.


(١) أخرجه مسلم (٥٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>