للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يحتمل ما قبل السلام أو ما بعد السلام - كما تقدم - إلا أن المراد هنا ما بعد السلام، لأن ما قبل السلام ليس محلاً للقرآن، وإنما محله القيام، فهذه قرينة على أن المراد ما بعد السلام.

وكذا يشرع قراءة المعوذتين {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} [الفلق: ١]، {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} [الناس: ١]، لحديث عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: (أمرني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن أقرأ بالمعوذات دبر كل صلاة) (١).

قال العيني: (والحكمة في هذا أن الشيطان - عليه اللعنة - لم يزل يوسوس به وهو في الصلاة، وما قدر على قطعه عن الصلاة، ثم لما فرغ يقبل إليه إقبالاً كلياً حتى يرفعه في معصميه، فأمر عند ذلك أن يستعيذ بالمعوذات من الشيطان حتى لا يظفر عليه، ولا يتمكن منه) (٢)،

و (المعوِّذات) بالكسر جمع معوِّذة بصيغة اسم الفاعل، أي: محصنة، ونسبة التحصين إليها مجاز، والمراد: سورة الفلق وسورة الناس، - كما مرَّ - فالمراد بالجمع ما فوق الواحد، أو جمعهما باعتبار أن ما يستعاذ منه كثير فيهما (٣)، أو باعتبار آيات السورتين وأما على رواية الترمذي: (بالمعوذتين) فلا إشكال، والله تعالى أعلم.


(١) أخرجه أبو داود (١٥٢٣) والترمذي (٢٩٠٣) والنسائي (٣/ ٦٨) من طريق حنين بن أبي حكيم، عن عُليِّ بن رباح، عن عقبة بن عامر مرفوعًا، وقال: حديث حسن، وفي بعض النسخ: حديث غريب، إلا أن لفظ الترمذي (بالمعوذتين) بالتثنية. وقال الألباني في "السلسلة الصحيحة" (٦٤٥): (وهذا إسناد جيد، ورجاله ثقات رجال مسلم غير حنين بن أبي حكيم، فهو صدوق)، وذكر في "الصحيحة" - أيضًا - (١٥١٤) أن يزيد بن محمد القرشي تابعه، فرواه عن عُليِّ بن رباح، به، وهذا عند أحمد (٢٨/ ٦٣٣ - ٦٣٤) وسنده حسن، فالحديث صحيح بهذين الطريقين.
(٢) "العَلَمُ الهيِّب" ص (٣٢٧).
(٣) انظر: "فتح الباري" (٨/ ١٨١)، "المنهل العذب المورود" (٨/ ١٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>