للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أن يكون متربعاً على أليتيه، ويكف ساقيه إلى فخذيه، لما تقدم من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: (رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يصلي متربعاً) (١).

ولأن التربع في الغالب أكثر ارتياحاً من الافتراش، وليحصل التفريق بين قعود القيام، والقعود الذي في محله.

فإن قدر على الصلاة قائماً منفرداً وجالساً مع الجماعة، فقيل: يخيَّر بينهما، ومال إليه ابن قدامة (٢)، وقيل: صلاته في الجماعة أولى، وقيل: يصلي منفرداً قائماً، قال صاحب «الإنصاف»: (هو الصواب) (٣)، لأن القيام ركن لا تصح الصلاة إلا به مع القدرة عليه، وهذا قادر، والجماعة واجبة تصح الصلاة بدونها.

والأظهر هو القول الثاني، وهو أنه يحضر الجماعة ويصلي جالساً، لأن مصالح حضور الجماعة لا يوازيها شيء من المصالح، وأيضاً إذا وصل إلى محل الجماعة وصار عاجزاً عن القيام لم يكن واجباً عليه، وكان جلوسه في حقه بمنزلة القيام في حق القادر، فيكون حَصَّلَ مصلحة الجماعة، ولم تفته مصلحة القيام، والله أعلم (٤).

المرتبة الثالثة: إذا عجز عن القعود صلّى مضطجعاً على جنبه، وإطلاق الحديث يدل على أنه مخير بين الجنب الأيمن والأيسر، والأفضل أن يفعل ما هو أسهل له، فإن تساويا فالأيمن أفضل، ويكون وجهه إلى القبلة، وإن لم يكن عنده من يوجهه إلى القبلة صلّى على حسب حاله، ويومئ برأسه إلى صدره قليلاً للركوع، ويومئ أكثر للسجود.

المرتبة الرابعة: أن يصلي مستلقياً على ظهره ورجلاه إلى القبلة، والأفضل أن يرفع رأسه قليلاً، ليتجه إلى القبلة، لأن في ذلك نوع استقبال، ولأن هذا أقرب ما يكون إلى صفة القائم، إذ لو قام تكون القبلة أمامه، ودليل


(١) تقدم الكلام عليه برقم (٣٠١).
(٢) "المغني" (٢/ ٥٧٢).
(٣) (٢/ ٢٠٩).
(٤) "المختارات الجلية" ص (٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>