تكتني، فقال:«اكتني بابن أختك»، فاكتنت أم عبد الله. وأخرج ابن حبان في «صحيحه» ما يدل على أنه صلّى الله عليه وسلّم كناها بذلك. كانت على جانب كبير من الفضل والعلم والعقل والفهم، وما توفيت حتى نشرت في الأمة علماً كثيراً، وكانت وفاتها في المدينة في رمضان سنة ثمان وخمسين (١).
الوجه الثاني: في تخريجهما:
أما الأول فقد أخرجه البخاري في كتاب «الوضوء»(٢٢٩) باب «غسل المني وفركه»، ومسلم في «الطهارة»(٢٨٩) من طريق سليمان بن يسار قال: (أخبرتني عائشة رضي الله عنها .. )، واللفظ المذكور لمسلم، وفيه تصريح سليمان بن يسار بالسماع من عائشة رضي الله عنها، ومثله في سياق البخاري، وفيه رد على من قال بأن سليمان لم يسمع من عائشة.
وأما الحديث الثاني فقد أخرجه مسلم (٢٨٨) من طريق علقمة والأسود: (أن رجلاً نزل بعائشة، فأصبح يغسل ثوبه، فقالت عائشة: إنما كان يجزئك إن رأيته أن تغسل مكانه، فإن لم تر نضحت حوله، ولقد رأيتني أفركه .. ) الحديث.
واللفظ الثاني أخرجه مسلم (٢٩٠) من طريق عبد الله بن شهاب الخولاني قال: (كنت نازلاً على عائشة فاحتلمت في ثوبيَّ، فغمستهما في الماء، فرأتني جارية لعائشة: فأخبرتها فبعثت إليّ عائشة، فقالت: ما حملك على ما صنعت بثوبك؟ قال: قلت: رأيت ما يرى النائم في منامه، قالت: هل رأيت فيهما شيئاً؟ قلت: لا، قالت: فلو رأيت شيئاً غسلته، لقد رأيتني وإني لأحكه من ثوب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يابساً بظفري).
وقد تبين من ذلك أن البخاري لم يخرج حديث الفرك، ولكنه أشار إليه في الترجمة على عادته، ولعل هذا هو غرض الحافظ من ذكر رواية مسلم.
الوجه الثالث: في شرح ألفاظهما:
قوله:(كان يغسل .. ) صيغة المضارع بعد لفظة (كان) تدل على كثرة