للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بكثير، ومما يؤيد ذلك أن محمد بن سيرين قيل له: (فالتشهد؟) قال: (لم أسمع في التشهد شيئاً).

وقد أخرج مسلم هذا الحديث (٥٧٤) من طريق خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أبي المهلب، عن عمران بن حصين أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم صلّى العصر، فسلم في ثلاث ركعات، ثم دخل منزله، فقام إليه رجل يقال له: (الخرباق)، وكان في يديه طول، فقال: يا رسول الله، فذكر له صنيعه، وخرج غضبان يجر رداءه حتى انتهى إلى الناس، فقال: (أصدق هذا؟) قالوا: (نعم)، فصلى ركعة ثم سلم، ثم سجد سجدتين، ثم سلم.

وليس في هذا السياق ذكر التشهد، وعليه: فهي زيادة شاذة، كما قال ابن المنذر، والبيهقي، وابن حجر (١).

الوجه الثاني: الحديث دليل على أن سجود السهو إذا كان بعد السلام فإنه يتشهد له ثم يسلم، وهذا هو المشهور من مذهب الحنابلة والمالكية والحنفية (٢).

والقول الثاني: أنه إذا سجد بعد السلام، سلم بعد سجوده بدون تشهد، وهذا قول الأوزاعي والشافعي وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية (٣)، لحديث عمران عند مسلم: (فصلى ركعة ثم سلم، ثم سجد سجدتين، ثم سلم) وتقدم بتمامه، فلم يذكر التشهد، ولو فعله النبي صلّى الله عليه وسلّم لنقل إلينا، وأما إثبات التشهد في حديث الباب فهو زيادة شاذة، قال ابن عبد البر: (أما التشهد في سجدتي السهو فلا أحفظه من وجه صحيح عن النبي صلّى الله عليه وسلّم) (٤)، وقال النووي: (إنه لم يصح عن النبي صلّى الله عليه وسلّم منه شيء) (٥)، وهذا هو الراجح، والله تعالى أعلم.


(١) "الأوسط" (٣/ ٣١٧)، "السنن الكبرى" (٢/ ٣٥٥)، "فتح الباري" (٣/ ٩٩).
(٢) "بدائع الصنائع" (١/ ١٧٤)، "الاستذكار" (٤/ ٣٨١)، "المغني" (٢/ ٤٠٣).
(٣) "المجموع" (٤/ ١٥٧)، "نظم الفرائد" ص (٣٤٨)، "مجموع الفتاوى" (٢٣/ ٤٩).
(٤) "الاستذكار" (٤/ ٣٨٢).
(٥) "المجموع" (٤/ ١٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>