للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أما الحديث الثاني فقد أخرجه أحمد (٢٨/ ٥٩٣) وأبو داود (١٤٠٢) في كتاب «الصلاة» باب «تفريع أبواب السجود» والترمذي (٥٧٨) من طريق ابن لهيعة، عن مِشرح بن هاعان، عن عقبة بن عامر قال: (قلت: يا رسول الله فضلت سورة الحج بأن فيها سجدتين؟)، قال: «نعم، ومن لم يسجد فلا يقرأهما»، قال الترمذي: (هذا حديث ليس إسناده بالقوي)، وقد ضعفه الحافظ - هنا - في «البلوغ»، ومن قبله النووي (١).

وسبب ضعفه أمران:

الأول: أنه من رواية ابن لهيعة وهو ضعيف، لاختلاطه بسبب احتراق كتبه سنة (١٧٠ هـ) على ما ذكره البخاري وغيره، ولتدليسه كما قال ابن حبان وغيره، ولكنه صرح بالتحديث كما عند أحمد وغيره، وقد رواه عنه عبد الله بن وهب كما عند أبي داود، وهو ممن روى عنه قبل الاختلاط، ولهذا فإن ابن كثير لما ذكر هذا الحديث وذكر قول الترمذي المتقدم، قال: (وفي هذا نظر، فإن ابن لهيعة قد صرح بالسماع، وأكثر ما نَقَمُوا عليه تدليسه) (٢)، والأئمة قد اختلفوا في رواية ابن لهيعة، فمنهم من ضعفها مطلقاً، ومنهم من قبلها مطلقاً، ومنهم من استثنى رواية العبادلة فقبلها وردَّ ما عداها، بحجة أنهم رووا عنه قبل احتراق كتبه (٣).

الثاني: أن فيه مِشرح بن هاعان، وقد وثقه ابن معين، كما نقله عنه عثمان الدارمي، ثم أردف ذلك بقوله: (ومشرح ليس بذاك، وهو صدوق) (٤)، وقال ابن حبان: (يخطئ ويخالف) (٥)، وقال أيضاً: (يروي عن عقبة بن عامر أحاديث مناكير لا يتابع عليها، والصواب في أمره ترك ما ينفرد به من الروايات، والاعتبار بما وافق الثقات منها) (٦)، ومع أنه يروي أحاديث مناكير إلا أن البيهقي يرى أن حديثه يعتضد بالمرسل الذي قبله، وأن كلاًّ منهما يقوي الآخر، فإنه قال: (هذا المرسل إذا انضم إلى رواية ابن لهيعة صار قوياً) (٧)،


(١) "الخلاصة" (٢/ ٦٢٥).
(٢) "تفسير ابن كثير" (٥/ ٤٠٠).
(٣) انظر: "شرح العلل" لابن رجب (١/ ١٣٦ - ١٣٩).
(٤) "تاريخ عثمان الدارمي" ص (٢٠٤).
(٥) "الثقات" (٥/ ٤٥٢).
(٦) "المجروحين" (٢/ ٣٦٧).
(٧) "معرفة السنن والآثار" (٣/ ٢٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>