للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عمر بن الخطاب (١).

الوجه الثاني: الحديث دليل على أن سجود التلاوة ليس بواجب، بل هو سنة، وهذا قول الجمهور من أهل العلم، ومنهم الأئمة الثلاثة: مالك، والشافعي، وأحمد في المشهور عنه (٢).

ووجه الدلالة من وجهين:

الأول: أن قوله: (ومن لم يسجد فلا إثم عليه) واضح في عدم الوجوب، لأن نفي الإثم عن ترك الفعل مختاراً يدل على عدم وجوبه، وكذلك قوله (إلا أن نشاء).

الثاني: أن هذا كان بحضرة الجمع الكثير من الصحابة من المهاجرين والأنصار رضي الله عنهم فلم ينكر ذلك عليه أحد، ولا نُقِلَ خلافه، فهذا يدل دلالة ظاهرة على إجماع الصحابة رضي الله عنه على أنه ليس بواجب.

ومن الأدلة - أيضاً - على عدم وجوب سجود التلاوة حديث زيد المتقدم عندما قرأ سورة النجم على النبي صلّى الله عليه وسلّم فلم يسجد فيه، ولم يأمره النبي صلّى الله عليه وسلّم بالسجود، ولو كان واجباً لأمره به، لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز.

القول الثاني: أن سجود التلاوة واجب، وهذا مذهب الحنفية، ورواية عن الإمام أحمد، اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية (٣)، وعن أحمد رواية أنه واجب في الصلاة، سنة خارجها (٤).

ودليل الوجوب حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي، يقول: يا ويله، وفي رواية:


(١) "فتح الباري" (٢/ ٥٥٩).
(٢) "المنتقى" (١/ ٣٤٩)، "المجموع" (٤/ ٦١)، "المغني" (٢/ ٣٤٦)، "الإنصاف" (٢/ ١٩٣).
(٣) "الهداية" (١/ ٧٨)، "الفتاوى" (٢٣/ ١٣٩)، "الإنصاف" (٢/ ١٩٣).
(٤) "الإنصاف" (٢/ ١٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>