للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ليس فيه تمام الحديث المتقدم، لذا لم يرد فيه ذكر سجود الشكر، لكن قال البيهقي: (وسجود الشكر في تمام الحديث صحيح على شرطه).

والمقصود أن هذه الأحاديث في هذا الباب يقوي بعضها بعضاً، وفيه أحاديث أخرى وآثار عن الصحابة رضي الله عنهم تقوم بها الحجة.

الوجه الثاني: هذه الأحاديث تدل على مشروعية سجود الشكر وأنه سنة يستحب فعلها عند وجود سببه، وهو تجدد نعمة أو اندفاع نقمة، سواء أكان ذلك خاصاً بالساجد كما يأتي، أم عاماً لجميع المسلمين، كانتصار المسلمين وهزيمة أعدائهم.

وهو إنما شرع عند النعم المتجددة، أما النعم المستمرة كنعمة الإسلام ونعمة العافية والغنى عن الناس ونحو ذلك فهذه لا يشرع السجود لها، لأن نعم الله دائمة لا تنقطع، فلو شرع السجود لذلك لاستغرق الإنسان عمره في السجود، وإنما يكون شكر هذه النعم وغيرهما بالعبادة والطاعة لله تعالى.

ولا يلزم أن تكون النعمة عامة بل يجوز - على الراجح من قولي أهل العلم - السجود عند حدوث نعمة خاصة أو اندفاع نقمة عنه، كأن يرزقه الله ولداً، أو يجد ضالته، أو ينجيه الله تعالى من هلكة، ونحو ذلك.

وقد ورد في الصحيحين أن كعب بن مالك رضي الله عنه سجد شكراً لله لما بُشر بتوبة الله عليه (١)، وكان ذلك في عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم والقرآن ينزل، فدل على مشروعيته.

وسجود الشكر من السنن المهجورة بين الناس في هذا الزمان، فينبغي للمسلم إحياؤها عند حصول سببها.

والراجح من قولي أهل العلم أن سجود الشكر لا تشترط له الطهارة إذ لا دليل على ذلك، ولأن سبب السجود قد يأتي فجأة والإنسان غير متطهر، ويسجد الإنسان على حاله من قيام أو جلوس، فإن كان قائماً خَرَّ ساجداً من قيام، وإن كان جالساً سجد على حاله، ولا يلزمه أن يقوم فيسجد، والله تعالى أعلم.


(١) "صحيح البخاري" (٨/ ٤٤) ومسلم (٢٧٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>