للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فالرواتب عشر، كما عدها ابن عمر رضي الله عنهما فإن راتبة الجمعة تحل محل راتبة الظهر، ثم هي لا تتكرر كل يوم، وقد حفظها ابن عمر رضي الله عنهما من مشاهدة النبي صلّى الله عليه وسلّم في المسجد أو في بيت أخته حفصة رضي الله عنها زوج النبي صلّى الله عليه وسلّم أو في مواطن أخرى، لأن ابن عمر ليس في بيت النبي صلّى الله عليه وسلّم وإنما هو في بيت أبيه عمر رضي الله عنه.

وقد ورد في حديث عائشة رضي الله عنها لما سئلت عن تطوع النبي صلّى الله عليه وسلّم قالت: (كان يصلي في بيتي قبل الظهر أربعاً، ثم يخرج فيصلي بالناس، ثم يدخل فيصلي ركعتين … الحديث) (١).

وهذا يفيد أن الرواتب ثنتا عشرة ركعة، ويؤيد ذلك حديث أم حبيبة الآتي: (من صلَّى اثنتي عشرة ركعة في يوم وليلة بُني له بهن بيت في الجنة) (٢).

فابن عمر ذكر ما اطلع عليه وهو عشرة ركعات، وحديث عائشة فيه زيادة، وكذا حديث أم حبيبة، فمن فعل ذلك حصل على خير كثير وثواب عظيم، مع ما في ذلك من التأسي بالنبي صلّى الله عليه وسلّم.

ويحتمل أنه صلّى الله عليه وسلّم كان يصلي مرة عشراً على ما في حديث ابن عمر، واثنتي عشرة على ما في حديث عائشة، وهذا قريب، لأن عائشة رضي الله عنها إنما تطلع على ما يفعله النبي صلّى الله عليه وسلّم إذا كان في بيتها، وهو ليس عندها إلا يومان من تسعة أيام منذ وهبت سودة يومها لعائشة رضي الله عنهما، وابن عمر قد يطلع على بقية الأيام في المسجد أو في بيت حفصة أو في مواضع أخرى كما تقدم.

الوجه الثالث: الحديث دليل على أن الأفضل في راتبة الجمعة والمغرب والعشاء أن تصلى في البيت، وقد سكت عن مكان راتبة الفجر، ولعل ذلك لشهرة كونه صلّى الله عليه وسلّم يصليها في بيته، وقد وقع في رواية للبخاري عن ابن عمر قال: (وحدثتني أختي حفصة أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يصلي سجدتين


(١) أخرجه مسلم (٧٣٠). وعند البخاري من حديثها: (كان لا يدع أربعًا قبل الظهر).
(٢) أخرجه مسلم (٧٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>