للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولم تكن الأربع من السنن المؤكدة، لأنه لم يرو أن النبي صلّى الله عليه وسلّم واظب عليها، ولهذا لم يذكرها ابن عمر ولا عائشة رضي الله عنهما.

وقد جاء في حديث علي رضي الله عنه في وصف تطوع النبي صلّى الله عليه وسلّم بالنهار قال فيه: (وأربعاً قبل العصر، يفصل بين كل ركعتين بالتسليم على الملائكة المقربين والنبيين ومن تبعهم من المسلمين والمؤمنين) (١).

وعلى هذا الحديث تكون الأربع قبل العصر وردت فيها السنة القولية والفعلية، ولهذا ذهب بعض أهل العلم إلى أنها من الرواتب، كما نقل ذلك ابن قدامة عن أبي الخطاب الحنبلي (٢)، وهي من المسائل التي انفرد بها (٣)، ونقل المجد ابن تيمية وجهين للحنابلة (٤)، وصرح صاحب «المهذب» من الشافعية بأنها من الرواتب، ووافقه على ذلك النووي (٥).

وذهب آخرون من أهل العلم إلى أن حديث علي رضي الله عنه لا يصح، وأن النبي صلّى الله عليه وسلّم لم يكن يصلي قبل العصر (٦)، وهذا هو الذي تقتضيه الصناعة الحديثية، فإن تفرد عاصم بهذا الحديث - وهو متكلم فيه - مع مخالفته


(١) أخرجه أبو داود (٥٩٨)، والترمذي (٤٢٩)، والنسائي (٢/ ١١٩)، وابن ماجه (١١٦١)، وأحمد (٢/ ٧٩) من طريق أبي إسحاق، عن عاصم بن ضَمْرة قال: (سألنا عليًا عن صلاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من النهار .. الحديث).
والحديث حسنه الألباني في "الصحيحة" (٢٣٧)، وقال محققو المسند: (إسناده قوي) وعاصم بن ضمرة متكلم فيه، وقد روى له أصحاب السنن، ووثقه ابن المديني والعجلي، وقال النسائي: (ليس به بأس)، وقال الترمذي: (ثقة عند أهل الحديث)، وقال الحافظ في "التقريب": (صدوق).
وضعفه ابن عدي (٥/ ٢٢٥) والجوزجاني، وابن حبان كما في "المجروحين" (٢/ ١٠٧)، وقد جاء في "مسند الإمام أحمد" في نهاية هذا الحديث، قال حبيب بن أبي ثابت لأبي إسحاق حين حدثه: (يا أبا إسحاق، يَسْوى حديثك هذا ملءَ مسجدك ذهبًا)، أي: يساوي، وقد يكون أراد بذلك تصحيح هذا الحديث وتقويته، لكن لا يلزم منه ذلك، فقد يكون لغرابته وتفرده، لكونه ليس عند غيره.
(٢) "المغني" (٢/ ٥٣٩).
(٣) "ذيل الطبقات" (١/ ١٢٠).
(٤) "المحرر" (١/ ٨٨).
(٥) "المجموع" (٤/ ٨).
(٦) انظر: "فتاوى ابن تيمية" (٢٣/ ٢٣ - ٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>