وأخرجه ابن حبان (٤/ ٤٥٧) بلفظ: (أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم صلى قبل المغرب ركعتين، ثم قال:«صلوا قبل المغرب ركعتين … ») وإسناده صحيح على شرط مسلم، وهذا السياق فيه الفعل مع القول، وقد أعرض مسلم عن حكاية الفعل، ويشكل عليه حديث أنس الآتي، فإن ظاهره أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم لم يكن يصليهما، والله أعلم.
وأما حديث أنس: فقد أخرجه مسلم (٨٣٦) في كتاب «صلاة المسافرين»، باب «استحباب ركعتين قبل صلاة المغرب» من طريق محمد بن فضيل، عن مختار بن فلفل قال: سألت أنس بن مالك عن التطوع بعد العصر، فقال: كان عمر يضرب الأيدي على صلاة بعد العصر، وكنا نصلي على عهد النبي صلّى الله عليه وسلّم ركعتين بعد غروب الشمس قبل صلاة المغرب، فقلت له: أكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم صلاهما؟ قال:(كان يرانا نصليهما فلم يأمرنا ولم ينهنا).
ولعل الحافظ أورد رواية ابن حبان مع حديث أنس في موضوع الصلاة قبل المغرب لبيان أن هاتين الركعتين اجتمعت فيهما السنة القولية والفعلية والتقريرية، والله تعالى أعلم.
الوجه الثالث: الحديث دليل على استحباب صلاة ركعتين قبل صلاة المغرب، والذي صرف الأمر في قوله:(صلوا) عن الوجوب قوله: (لمن شاء)، ولذا قال الراوي:(كراهية أن يتخذها الناس سنة) أي: طريقة لازمة أو سنة راتبة يكره تركها، وقد كان كثير من الصحابة رضي الله عنهم يصلون هاتين الركعتين، كما حكى ذلك أنس رضي الله عنه.
وهما داخلتان في عموم قوله صلّى الله عليه وسلّم: «بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة، (ثم قال في الثالثة) لمن شاء» (١).
والمراد بـ (الأذانين): الأذان والإقامة، لأن الكل إعلام، فالأذان إعلام بدخول الوقت، والإقامة إعلام بالصلاة والدخول فيها.
والركعتان قبل المغرب ليستا من السنن الرواتب، فلا تستحب المداومة عليهما؛ لئلا تأخذا حكم الرواتب، والله تعالى أعلم.