للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

معنى ذلك أنه كان في غيرها من النوافل يقرأ بالسورة يرتلها حتى تكون أطول من أطول منها، بخلاف فعله في هذا، فإنه كان يخفف أفعالها وقراءتها، حتى إذا نُسبت إلى قراءته في غيرها كانت كأنها لم يقرأ فيها … ) (١)، وهذا الأمر الأول الذي اختصت به راتبة الفجر، وهو تخفيفها، والحكمة في ذلك - والله أعلم - المبادرة لصلاة الصبح أول وقتها، وبه جزم القرطبي (٢).

وقيل: ليستفتح صلاة النهار بركعتين خفيفتين، كما كان يستفتح قيام الليل بركعتين، للتفرغ للفرض أو لقيام الليل الذي هو أفضل النوافل المطلقة.

الوجه الثالث: الحديث الثاني دليل على استحباب قراءة سورة «الكافرون» في الركعة الأولى، وسورة «الإخلاص» في الثانية من ركعتي الفجر، وهذا الأمر الثاني الذي اختصت به راتبة الفجر، والحكمة من قراءة هاتين السورتين - والله أعلم - أنهما تضمنتا نوعي التوحيد، فسورة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} تضمنت إثبات كل كمال لله تعالى، ونفي كل نقص عنه سبحانه وتعالى، فإن فيها وصف الله تعالى بالوحدانية والصمدية، ونفي الكفؤ عنه والمثل، وهذا هو توحيد الربوبية، وتوحيد الأسماء والصفات.

وسورة {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} تضمنت إيجاب عبادته وحده لا شريك له، والتبرئ من عبادة كل ما سواه، وهذا هو التوحيد الطلبي الإرادي، وهو توحيد الألوهية، وتوحيد العبادة.

وكل من السورتين مشتمل على النوع المذكور نصاً، وعلى النوع الآخر لزوماً.

وإذا أضيف إلى ذلك استحباب قراءتهما في الوتر - كما سيأتي - اتضح أن من مقاصد ذلك - والله أعلم - أن يكون التوحيد فاتحة عمل العبد وخاتمته.

كما يستحب أن يقرأ في الركعة الأولى بالآية من سورة البقرة: {قُولُوا


(١) "المفهم" (٢/ ٣٦٢).
(٢) المصدر السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>