للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقولها: (أربعاً ثم أربعاً) ظاهر أن الأربع بسلام واحد، وبه قال جماعة، وقال آخرون: بل كان يجلس في كل ركعتين ويسلم، لقوله: (صلاة الليل مثنى مثنى) وهو اختيار ابن عبد البر (١)، ويؤيد ذلك حديثها عند مسلم بلفظ: (كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يصلي فيما بين أن يفرغ من صلاة العشاء [وهي التي يدعو الناس العتمة] إلى الفجر إحدى عشرة ركعة، يسلم بين كل ركعتين ويوتر بواحدة … ) الحديث (٢).

ولعلها جمعت بين الأربع والأربع لأنه كان لا يمكث بعد التسليم من الركعتين الأوليين، بل كان يقوم للركعتين الأخريين، فإذا أتم أربع ركعات مكث طويلاً، وفصل بينها وبين الأربع الآتية، أو أنه كان ينام بعد الأربع الأولى والأربع الثانية، وبين الوتر، وبه جزم ابن عبد البر (٣).

وهكذا يقال في معنى: (ثم يصلي ثلاثاً) أي: ركعتين، ثم يوتر بواحدة، كما تبين من روايتها عند مسلم، وقد أفتى بمقتضى ذلك الإمام أحمد، وقال: بأن الأحاديث فيه أقوى وأكثر عن النبي صلّى الله عليه وسلّم (٤).

ودل حديثها الثاني أنه صلّى الله عليه وسلّم كان يصلي ثلاث عشرة ركعة، يصلي عشر ركعات ويوتر بواحدة، ثم ذكرت ركعتي الفجر، فصار الجميع ثلاث عشرة، وعلى هذا فلا يعارض ذلك قولها المتقدم: (ما كان يزيد على إحدى عشرة … )، لأنها أضافت إلى صلاة الليل ركعتي الفجر، لكن يشكل عليه حديثها عند البخاري من طريق عروة، عنها قالت: (كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يصلي بالليل ثلاث عشرة ركعة، ثم يصلي إذا سمع النداء بالصبح ركعتين خفيفتين) (٥)، ولعلها ذكرت الركعتين اللتين كان يفتتح بهما صلاة الليل، لقولها كما في حديثها عند مسلم: (كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا قام من الليل ليصلي، افتتح صلاته بركعتين خفيفتين) (٦)، وهذا محمل قوي، لأن رواية الحصر


(١) "التمهيد" (٢١/ ٧٠).
(٢) "صحيح مسلم" (٧٣٦).
(٣) "التمهيد" (٢١/ ٧٢).
(٤) "زاد المعاد" (١/ ٣٣٠ - ٣٣١).
(٥) "صحيح البخاري" (١١٧٠).
(٦) "صحيح مسلم" (٧٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>