للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

صلاة النبي صلّى الله عليه وسلّم بالليل عدد من الصحابة كابن عباس وزيد بن خالد وعائشة رضي الله عنهم وبعضهم يذكر ما لا يذكره الآخر، كافتتاحه صلاة الليل بركعتين خفيفتين، فإما أن يكون صلّى الله عليه وسلّم يفعل هذا تارة وهذا تارة، وإما أن تكون عائشة حفظت ما لم يحفظه غيرها، لملازمتها له ولمراعاتها ذلك ولكونها أعلم الخلق بقيامه بالليل.

والأفضل للمصلي أن يسلم من كل ركعتين، لأن هذا هو الذي اختاره صلّى الله عليه وسلّم لأمته، كما في حديث: «صلاة الليل مثنى مثنى»، وهو الأكثر من فعله صلّى الله عليه وسلّم فإنه كان يصلي إحدى عشرة أو ثلاث عشرة ويسلم من كل اثنتين، ومن اقتدى به ففعل مثل فعله فسرد ثلاثاً أو خمساً أو غير ذلك، مما تقدم جاز، لأنه لم يرد عنه نهي عن ذلك، والأفضل فيمن يَؤُمُّ الناس في رمضان أن يسلم من كل ركعتين، ولا يسرد خمساً أو سبعاً، لأن التسليم أرفق بالناس، وقد يكون لبعض المأمومين حاجة تدعو إلى الإنصراف بعد ركعتين أو تسليمتين، أو بعد ثلاث تسليمات، ونحو ذلك، وإن سرد في بعض الأحيان لبيان السنة فلا بأس بذلك.

الوجه الرابع: ظاهر قولها: (أتنام قبل أن توتر) أنه صلّى الله عليه وسلّم كان ينام بعد الأربع الثانية قبل أن يوتر فسألته عن ذلك، فأجابها بقوله: «إن عيني تنامان ولا ينام قلبي»، وقد ورد في حديث أنس رضي الله عنه الطويل في قصة الإسراء بالنبي صلّى الله عليه وسلّم أنه رضي الله عنه قال: (وكذلك الأنبياء تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم) (١)، قال الحافظ: (ومثله لا يقال من قبل الرأي، وهو ظاهر أن ذلك من خصائصه صلّى الله عليه وسلّم، لكنه بالنسبة للأمة) (٢).

وقد بنى على ذلك جمع من أهل العلم حكماً شرعياً، وهو عدم انتقاض وضوئه صلّى الله عليه وسلّم بالنوم، بناء على أن النوم مظنة الحدث، والرسول صلّى الله عليه وسلّم لا ينام قلبه، فيحس بما خرج منه.


(١) أخرجه البخاري (٣٥٧٠).
(٢) "فتح الباري" (٦/ ٥٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>