للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الوجه الثاني: في ألفاظه:

قوله: (لا وتران في ليلة) نفي بمعنى النهي، فكأنه قال: (لا توتروا مرتين في ليلة)، ولا: عاملة عمل ليس، و (وتران) اسمها، و (في ليلة) خبرها، ويحتمل أن (لا) عاملة عمل (إنَّ)، و (وتران) اسمها جاء بالألف على لغة من يُلزم المثنى الألف في جميع أحواله، أو أنه مرفوع بفعل محذوف، أي: لا يجتمع وتران في ليلة.

الوجه الثالث: الحديث دليل على أن الوتر لا يتكرر في الليلة الواحدة مرتين، فمن أوتر أول الليل ثم يسَّر الله له القيام آخر الليل فإنه يصلي ما كتب له، ويكفي وتره الأول، ولا ينقضه، والمراد بنقضه: أن الإنسان إذا أوتر أول الليل ثم قام من آخر الليل يتهجد بدأ صلاته بركعة واحدة لتشفع الركعة الأولى، وهي ركعة الوتر، ثم يصلي ركعتين، ركعتين، ثم يوتر في آخر صلاته.

ونقض الوتر موضع خلاف بين أهل العلم، فذهب الجمهور ومنهم الأئمة الأربعة وجمع من الصحابة والتابعين، منهم أبو بكر وأبو هريرة وطلق بن علي راوي الحديث رضي الله عنهم وسعيد بن المسيب، وإبراهيم النخعي وآخرون إلى أنه لا يجوز نقض الوتر، ومن أراد أن يتنفل صلى شفعاً ولا يوتر مرة أخرى (١).

وذهب بعض الصحابة والتابعين، ومنهم عثمان وعلي وابن مسعود وابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم وابن سيرين إلى جواز نقض الوتر، لحديث: (اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً) (٢).

والذي يظهر - والله أعلم - أنه لا يلزم نقض الوتر، بل يصلي الإنسان ما كتب له ويبقي وتره الأول، ولا يوتر مرة أخرى لأمرين:

الأول: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم صلى ركعتين بعد الوتر، كما تقدم في حديث عائشة رضي الله عنها.


(١) "المغني" (٢/ ٥٩٧).
(٢) المصدر السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>