للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

نضحها على سائره فهو رش لا غسل، وإنما فعلت ذلك لتطيب نفسها؛ لأنها لم تنضح على مكان فيه دم، وإنما غسلته، والنضح على مكان لا دم فيه دفعاً للوسوسة (١).

الوجه الرابع: الحديث دليل على أن دم الحيض نجس يجب غسل قليله وكثيره، ونجاسته مجمع عليها؛ لأنه صلّى الله عليه وسلّم أمر بغسله من الثوب قبل أن يصلى فيه، قال ابن بطال: (حديث أسماء أصل عند العلماء في غسل النجاسات من الثياب) (٢)، وقد استدل به العلماء على نجاسة الدم، قال الشافعي: (وفي هذا دليل على أن دم الحيض نجس، وكذا كل دم غيره) (٣). وبوّب عليه البخاري في كتاب «الوضوء» بقوله: «باب غسل الدم» (٤)، ويُعفى عن يسيره على الرَّاجح من قولي أهل العلم (٥).

وأما الخارج من غير السبيلين كدم الرعاف، والسن، والجروح، ونحوها ففيه قولان:

الأول: أنه نجس، فيجب غسله، ويُعفى عن يسيره، كما سيأتي، وهذا قول الجمهور من أهل العلم، بل نقل غير واحد الإجماع على نجاسته، ومنهم: ابن حزم، وابن عبد البر، وابن رشد، والنووي، والعيني، وغيرهم (٦).

ونقل شيخ الإسلام ابن تيمية في «شرح العمدة» قول الإمام أحمد: (إنه لم يختلف المسلمون في الدم) أي: على أنه نجس (٧).

كما استدلوا على نجاسته بقوله تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا


(١) "شرح ابن بطال" (١/ ٤٣٥ - ٤٣٦).
(٢) المصدر السابق.
(٣) "الأم" (١/ ٨٥).
(٤) "فتح الباري" (١/ ٣٣٠).
(٥) انظر: "الشرح الكبير" (٢/ ٣١٧ - ٣١٨)، "تصحيح الفروع" (١/ ٢٥٤).
(٦) "مراتب الإجماع" ص (١٩)، "الاستذكار" (٣/ ٢٠٤)، "بداية المجتهد" (١/ ١٩٩)، "شرح مسلم" (٣/ ٢٠٤)، "عمدة القارئ" (٣/ ١٨).
(٧) "شرح العمدة" (١/ ١٠٥)، "الفروع" (١/ ٢٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>