للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ابن مسعود رضي الله عنه صلَّى وعلى بَطْنِهِ فَرْثٌ ودَمٌ من جَزُورٍ نَحَرَهَا فلم يتوضَّأ) وفي لفظ: (فلم يُعِدِ الصلاة) (١).

وعن بكر بن عبد الله المزني قال: (رأيت ابن عمر رضي الله عنهما عصَرَ بَثْرَةً في وجهه، فخرج شيء من دمه، فَحَكَّهُ بين أصبعيه، ثم صلّى ولم يتوضأ) (٢).

وعن عطاء بن السائب قال: (رأيت عبد الله بن أبي أوفى بزَق دماً، ثم صلَّى، ولم يتوضأ) (٣).

والقول بطهارة الدم له حظ من النظر، والآية التي استدل بها القائلون بالنجاسة نوقشت من قبل الفريق الآخر من وجهين:

الأول: أن الآية لم تسق لبيان الطهارة والنجاسة، بل وردت فيما يحرم أكله، لقوله سبحانه: {عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ}، ولا تلازم بين التحريم والنجاسة، فقد يكون الشيء حراماً وهو طاهر كالسموم، وقد يكون طاهراً وهو حرام، كطعام الغير بلا إذنه أو إذن الشارع (٤).

الثاني: أن الرجس هنا ليس المراد به النَّجَسَ، بل المراد به الخبيث الذي لا يحل أكله، والرجس قد يراد به النجاسة المعنوية، كما في قوله تعالى: {فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ} [التوبة: ٩٥]، وقد يراد به النجاسة الحسية لقيام الدليل، كقوله صلّى الله عليه وسلّم في الروثة: «إِنَها رِجْس» (٥).

فيبقى الاستدلال بالإجماع إن لم يشكل عليه ما ورد عن الصحابة رضي الله عنهم،


(١) أخرجه عبد الرزاق (١/ ١٢٥)، وابن أبي شيبة (١/ ٣٩٢)، وابن المنذر (٢/ ١٥٦)، وسنده صحيح.
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة (١/ ١٣٨) ومن طريقه البيهقي (١/ ١٥١) بسند صحيح، كما في "فتح الباري" (١/ ٢٨٢).
(٣) أخرجه عبد الرزاق (١/ ١٥٨)، وابن أبي شيبة (١/ ١٢٤)، وابن المنذر (٢/ ١٧٢) عن الثوري وابن عيينة، عن عطاء، قال الحافظ: (سفيان سمع من عطاء قبل اختلاطه، فالإسناد صحيح). "فتح الباري" (١/ ٢٨٢).
(٤) انظر: "الفتاوى" (١٦/ ٢١، ٥٤٢).
(٥) أخرجه البخاري (١٥٦)، وابن ماجه (٣١٤) واللفظ له.

<<  <  ج: ص:  >  >>