للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما رواية الرفع، فهشيم وإن كان ثقة إلا أن رواية غندر ووكيع مقدمة، لما مضى. وأبو نوح عبد الرحمن بن غزوان المعروف بقراد ثقة - أيضاً ـ، إلا أن الأئمة ذكروا أن له أفراداً، وقد يكون رفعه لهذا الحديث من أفراده، قال الدارقطني: (ثقة وله أفراد)، وهكذا قال الحافظ في «التقريب».

وبهذا يتبين وجه رجحان رواية الوقف، قال الحافظ ابن رجب: (وقفه هو الصحيح عند الإمام أحمد وغيره) (١) وقد رجَّح وقفه البيهقي في «سننه» (٣/ ٥٧)، وقال الحافظ: (إسناده صحيح، لكن قال الحاكم: وقفه غندر وأكثر أصحاب شعبة) (٢)، وهذا يشعر بعدم جزم الحافظ برفعه.

الوجه الثاني: استدل بالحديث من قال: إن صلاة الجماعة شرط لصحة الصلاة، فمن صلّى في بيته من غير عذر لم تصح صلاته، ووجه الدلالة: أن الحديث دل على أن من لم يُجب النداء فلا صلاة له إلا من عذر، وهذا النفي يرجع إلى مسمى الصلاة، وهي الحقيقة الشرعية، فتكون صلاته غير صحيحة.

وهذا رواية عن الإمام أحمد اختارها بعض الأصحاب (٣)، وهو قول ابن حزم الظاهري (٤).

وأجيب عن هذا الحديث بجوابين:

الأول: أنه مختلَف في رفعه ووقفه، كما تقدم، وحتى على القول برفعه لا يعارض ما اتفق عليه الشيخان، وهو حديث المفاضلة الذي يدل على أن الجماعة ليست بشرط، كما تقدم.

الثاني: سلَّمنا معارضته لأحاديث الوجوب، لكنه محمول على نفي الكمال لا نفي الصحة؛ لأن حمله على نفي الكمال يحصل به جمع بين الأدلة، ليوافق الأحاديث التي هي أصح منه؛ كحديث المفاضلة، وحمله على نفي الصحة يُبقي معارضته، والجمع أولى، والله تعالى أعلم.


(١) "فتح الباري" (٥/ ٤٤٩).
(٢) "التلخيص" (٢/ ٣٢).
(٣) "الإنصاف" (٢/ ٢١٠).
(٤) "المحلى" (٤/ ٢٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>