للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذا إذا كانت الصفوف متصلة، فإن كانت غير متصلة صحَّت الصلاة، وعبر بعضهم بالكراهة، لمخالفة السنة في إتمام الصف الأول فالأول (١)، وإنما صحت لأن المسجد مبني للجماعة، فكل من وجد فيه فهو في محل الجماعة.

فإن كان المأموم خارج المسجد، فإن اتصلت الصفوف - كما في الساحات التابعة للمساجد الكبيرة - صحَّت صلاة المأموم بلا خلاف، نقل ذلك ابن تيمية وغيره (٢)؛ لأن ذلك الموضع ملحق بالمسجد بسبب اتصال الصفوف، وأما إذا لم تتصل الصفوف بأن وجد فاصل من طريق ونحوه، فهو موضع خلاف بين أهل العلم:

القول الأول: أن الصفوف إذا لم تتصل بسبب فاصل من طريق أو نحوه فإن الصلاة لا تصح، لاختلاف المكان، فيمنع الاقتداء، وهذا قول بعض الحنابلة، وظاهر اختيار ابن تيمية، واختاره ابن عثيمين (٣). فإن لم يوجد فاصل فلا بد من رؤية الإمام أو سماع صوته، ليتحقق الاقتداء، وهذا قول الحنفية، والحنابلة في المشهور عندهم، إلا أن الحنابلة يرون الاكتفاء برؤية الإمام إما في كل الصلاة أو في بعضها (٤).

القول الثاني: صحة الصلاة مع وجود الفاصل من طريقٍ أو نحوه، وهذا قول الشافعية والمالكية، لكن الشافعية يشترطون رؤية الإمام أو بعض المأمومين (٥)، وهو رواية عن أحمد (٦)، والمالكية يشترطون الرؤية أو سماع الصوت (٧)؛ لأن المقصود الاقتداء، وهو حاصل بذلك ولو مع الفاصل، وهذا رواية عن أحمد، اختارها ابن قدامة (٨) وابن سعدي (٩) وابن باز (١٠).


(١) "المغني" (٣/ ٤٤)، "الفتاوى" (٢٣/ ٤٠٨).
(٢) "الفتاوى" (٢٣/ ٤٠٧).
(٣) "الفتاوى" (٢٣/ ٤١٠)، "الإنصاف" (٢/ ٢٩٣)، "الشرح الممتع" (٤/ ٤٢١).
(٤) "حاشية ابن عابدين" (١/ ٦١٠ - ٦١١)، "الإنصاف" (٢/ ٢٩٣).
(٥) "المجموع" (٤/ ٣٠٧ - ٣٠٨).
(٦) "الإنصاف" (٢/ ٢٩٣).
(٧) "الخرشي على خليل" (٢/ ٣٦).
(٨) "المغني" (٣/ ٤٦).
(٩) "المختارات الجلية" ص (٤٥).
(١٠) "فتاوى ابن باز" (١٢/ ٢١٢، ٢١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>