للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يتركها إلا خشية أن تفرض، وقد أصبحت - ولله الحمد - من شعائر الإسلام الظاهرة في شهر رمضان.

أما صلاة نافلة النهار جماعة فإنها تجوز في بعض الأحيان ما لم تتخذ عادة راتبة - إذا وجد لذلك سبب ـ، وأما اتخاذها عادة راتبة فهو غير مشروع، بل هو من البدع، كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية (١)؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم والصحابة والتابعين لم يكونوا يعتادون الاجتماع للنوافل غير ما تشرع له الجماعة؛ كالاستسقاء والكسوف ونحو ذلك، وعامة تطوعاته صلّى الله عليه وسلّم كان يصليها منفرداً، وإنما تطوع في جماعة قليلة لأمور عارضة.

ويدل لذلك حديث عتبان بن مالك لما صلّى النبي صلّى الله عليه وسلّم في بيته، وفيه: (قال: «أين تحب أن أصلي من بيتك؟» فأشرت له إلى المكان الذي أحب أن أصلي فيه، فقام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فكبر وصففنا وراءه، فصلى ركعتين ثم سلَّم، وسلمنا حين سلَّم … ) (٢). وقد بوّب عليه البخاري «باب صلاة النوافل جماعة» (٣).

وجاء في حديث أنس رضي الله عنه أنه صلّى الله عليه وسلّم صلّى به وبجدته مليكةَ بنتِ مالكٍ واليتيمِ لما زارهم في منزلهم، والحديث أخرجه البخاري ومسلم، وسيأتي - إن شاء الله - بعد عشرة أحاديث.

الوجه الخامس: الحديث دليل على صحة نية الإمامة في أثناء الصلاة، وذلك لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم صلّى منفرداً ثم صلّى معه أصحابه.

والصحيح جواز ذلك في الفرض والنفل، فإذا أحرم إنسان بالصلاة منفرداً ثم جاء إنسان صح أن يدخل معه، ويكون الأول إماماً للثاني.

ومما يدل على ذلك - أيضاً - حديث ابن عباس في صلاته مع النبي صلّى الله عليه وسلّم في قيام الليل، فإنه صلّى الله عليه وسلّم صلّى منفرداً، ثم قام ابن عباس ووقف عن يساره،


(١) "الفتاوى" (٢٣/ ٤١٤).
(٢) أخرجه البخاري (١١٨٦)، ومسلم (٣٣).
(٣) "فتح الباري" (٣/ ٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>