للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهو قول الجمهور من أهل العلم على تفصيل في بعض المذاهب في الفرض أو النفل، وهذا الحكم ليس مأخوذاً من هذا الحديث فقط فإنه ضعيف، ولكن هذه الجملة منه دلت عليها أدلة أخرى، يأتي بيانها إن شاء الله عند الكلام على حديث أم وَرَقَة رضي الله عنها بعد عشرة أحاديث.

الوجه الثالث: الحديث دليل على أنه لا تصح إمامة الأعرابي وهو ساكن البادية للمهاجر؛ لأن الغالب على أهل البادية الجفاء وقلة المعرفة بحدود الله تعالى وأحكام الصلاة، لبعدهم عمَّن يتعلمون منه، قال تعالى في حق الأعراب: {الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ} [التوبة: ٩٧]، وهذا يؤدي إلى تقليل الجماعة المطلوب تكثيرها، لقلة رغبة الناس في الاقتداء بهم، فيكون المنع من إمامة الأعرابي لهذا السبب، أما حديث الباب على إطلاقه فهو ضعيف، فإذا كان الأعرابي أقرأ من المهاجر قدم عليه، لما تقدم.

الوجه الرابع: الحديث دليل على أنها لا تصح إمامة الفاسق؛ لأن الرسول صلّى الله عليه وسلّم نهى أن يؤم الفاجر المؤمن، والنهي يقتضي فساد المنهي عنه، وهذا رواية عن الإمام مالك، ورواية عن الإمام أحمد، اختارها أكثر أصحابه (١).

وذهب الجمهور من أهل العلم إلى صحة الصلاة خلف الفاسق (٢)؛ لعموم قوله صلّى الله عليه وسلّم: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله»، ولحديث أبي ذر رضي الله عنه في أئمة الجَور الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها، وفيه: «صَلِّ الصلاة لوقتها، فإن أدركتها معهم فَصَلِّ، فإنها لك نافلة» (٣)، وتقدم بتمامه.

ووجه الاستدلال: أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم أَذِنَ بالصلاة خلفهم، وجعلها نافلة؛ لأنهم أخَّروها عن وقتها، وظاهره أنهم لو صلّوها في وقتها لكان مأموراً


(١) "مختصر خليل" ص (٣٥)، "الإنصاف" (٢/ ٢٥٢).
(٢) "المبسوط" (١/ ٤٠)، "المدونة" (١/ ٨٣)، "المجموع" (٤/ ٢٥٣)، "المغني" (٢/ ٢٠).
(٣) أخرجه مسلم (٦٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>