للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الترمذي والدارقطني والذهبي وغيرهم: (لم يسمع مكحول من أبي هريرة رضي الله عنه).

ولا يصح في هذا الباب شيء، قال الدارقطني: (ليس فيها ما يثبت) (١)، وقال العقيلي: (ليس في هذا المتن إسناد يثبت)، وسئل الإمام أحمد عن حديث ابن عمر هذا فقال: (ما سمعنا بهذا) (٢)، وإذا كان الحديث بهذه الصفة فلا تقوم به حجة، وإنما ذكره الحافظ لبيان حاله.

الوجه الثاني: الحديث دليل على أن المسلم يُصَلَّى خلفه؛ لأن هذا هو المراد بقوله: «صلوا خلف من قال: لا إله إلا الله»، والحديث وإن كان ضعيفاً - كما تقدم - لكنه معمول به لأدلة أخرى، وظاهر ذلك جواز الصلاة خلف الفاسق؛ لأن كلمة الإخلاص تدل على إسلامه، ولا تدل على عدالته، والمراد بالحديث: من قال: «لا إله إلا الله» عارفاً بمعناها عاملاً بمقتضاها، أما من ظهر منه ما يقتضي كفره فإنها لا تنفعه لا إله إلا الله، كما لم تنفع عبد الله بن أُبي وأشباهه من المنافقين، وهذا أمر معلوم بإجماع المسلمين أن من وجد عنده ناقض من نواقض الإسلام لم تنفعه الشهادتان وإن قال: لا إله إلا الله، وإن صلى وصام، ومثل ذلك عبَّاد الأصنام وعبَّاد القبور لا تنفعهم لا إله إلا الله.

وقد مضى ذكر الخلاف في حكم الصلاة خلف الفاسق وأن الراجح صحتها، مع اعتبار أنه لا ينبغي أن يكون إماماً راتباً؛ لأنه يحرم على من كان مسؤولاً عن اختيار الأئمة تنصيب الفاسق إماماً في الصلوات؛ لأنه مأمور بمراعاة المصالح.

الوجه الثالث: الحديث دليل على أنه يُصَلَّى على من مات وهو يقول: «لا إله إلا الله»؛ لأنها تدل على أنه مات مسلماً، وفي المسألة استثناءات يذكرها الفقهاء، ولعله يأتي شيء من ذلك في كتاب الجنائز - إن شاء الله ـ، والله تعالى أعلم.


(١) "سنن الدارقطني" (٢/ ٥٦).
(٢) "التحقيق" (٣/ ٣٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>