للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد ذكر البخاري في «تاريخه» هذا الحديث بهذا الإسناد، ثم قال عن خالد: (منكر الحديث) (١).

وقول الحافظ: (وهو في مرسل سعيد عند البيهقي مختصر)، لعله يقصد أنه عند البيهقي في «المعرفة» (٢)، فقد أخرجه من طريق الربيع، أخبرنا به الشافعي، عن ابن المسيب قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «خياركم الذين إذا سافروا قصروا وأفطروا» أو قال: «لم يصوموا»، وهو في مسند الشافعي (٣).

الوجه الثاني: الحديث دليل على فضل الاستغفار بعد الإساءة، وعلى أن القصر في السفر أفضل من الإتمام، وأن الفطر فيه أفضل من الصيام، والحديث ضعيف جدّاً كما تقدم، وهذه المسائل الثلاث دل عليها أدلة أخرى صحيحة.

أما الاستغفار بعد الإساءة فقد دل عليه قوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران: ١٣٥]، وقد تكرر في القرآن الكريم ذكر التوبة والاستغفار والأمر بهما والحث عليهما ومدح المستغفرين، قال تعالى: {وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: ١٩٩]، وقال تعالى: {وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ} [آل عمران: ١٧] ووعد بالمغفرة لمن استغفره، قال تعالى: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: ١١٠].

وفي «صحيح مسلم» من حديث أبي ذر رضي الله عنه: «يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعاً، فاستغفروني أغفر لكم … » (٤)، وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه كل يوم مئة مرة» (٥).


(١) "التاريخ الكبير" (٣/ ١٦٥).
(٢) "معرفة السنن والآثار" (٤/ ٢٥٩).
(٣) "المسند" (١/ ١١٤ - ١١٥).
(٤) "الصحيح" (٢٥٧٧).
(٥) أخرجه البخاري (٦٣٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>