للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (عن ودعهم) أي: تركهم، من ودع الشيء: إذا تركه، يقال: ودعته أدعه ودعًا، وزعم النحاة أن العرب أماتت ماضي "يدع" ومصدره، واسم الفاعل، وفي هذا الحديث رد عليهم، فقد ثبت المصدر عن أفصح العرب، وثبت الماضي واسم الفاعل في بعض الأشعار (١)، فلو عبروا بالقلة بدل الإماتة لكان أحسن.

قوله: (الجمعات) بضم الجيم والميم، جمع جمعة.

قوله: (أو ليختمن الله على قلوبهم) الختم: الطبع والتغطية، وأصل الختم: الاستيثاق من الشيء بوضع الخاتم عليه حتم لا يعلم ما فيه، ومثله الطبع، والقلب إذ ختم عليه لو يع ما ينفعه، ولم يسمع ما يفيده، فلا يعرف معروفًا ولا ينكر منكرًا، وهذا من أكبر الخذلان عياذًا بالله وقد ورد عن أبي الجعد الضمري وكانت له صحبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من ترك ثلاث جمع تهاونًا بها طبع الله على قلبه" (٢).

والمراد بالتهاون: الترك من غير عذر، وقيل: التكاسل وعدم الجد في أداء الجمعة لا الاستهانة والاستخفاف فإنه كفر، والمراد بيان كونها معصية عظيمة.

قال العراقي: (والمراد بالطبع: أنه يصير قلبه قلب منافق) (٣)، وكأنه أخذه من قوله تعالى: {فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون} [المنافقون: ٣].

قوله: (ثم ليكونن من الغافلين) أي: إذا ختم على القلب وطبع عليه صار صاحبه من الغافلين اللاهين الذين غفلوا عن اكتساب ما ينفعهم وترك ما يضرهم.

• الوجه الثالث: الحديث دليل على عظم شأن صلاة الجمعة وشدة فرضيتها وأن تاركها قد تعرض لعقوبة عظيمة، وهي الختم والطبع على قلبه،


(١) "اللسان" (٨/ ٣٨٣ - ٣٨٤) مادة "ودع".
(٢) أخرجه أبو داود (١٠٥٢)، والترمذي (٥٠٠)، والنسائي (٣/ ٨٨)، وابن ماجه (١١٢٥)، وقال الترمذي: (حديث حسن).
(٣) "تحفة الأحوذي" (٣/ ١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>