للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جاء فصببت عليه من إداوة كانت معي، فتوضأ، ومسح على خفيه) (١).

الوجه السابع: أن عثمان رضي الله عنه سلك في بيان صفة وضوء النبي صلّى الله عليه وسلّم مسلك البيان بالفعل دون القول؛ لأن الوصف بالفعل أسرع إدراكاً، وأدق تصويراً، وأرسخ في النفس؛ لأن البيان بالقول يعتمد على الألفاظ، والألفاظ يطرقها الاحتمال في المعنى، ويستفاد من ذلك أنه ينبغي للمعلم أن يسلك أقرب الطرق لإيصال المعلومات إلى أذهان الطلاب، وفي مقدمة ذلك وسائل الإيضاح التي تعين على الفهم ورسوخ العلم.

الوجه الثامن: مشروعية الوضوء بهذه الكيفية، فيغسل كفيه ثلاثاً، ثم يتمضمض، ويستنشق، ويستنثر، ثم يغسل وجهه ثلاثاً، ثم يده اليمنى مع مرفقه ثلاثاً، ثم اليسرى كذلك، ثم يمسح برأسه، ثم يغسل رجله اليمنى إلى الكعبين ثلاثاً، ثم اليسرى كذلك، وهذه صفة وضوء النبي صلّى الله عليه وسلّم.

الوجه التاسع: الحديث دليل على مشروعية غسل الكفين ثلاث مرات، وهذا سنة؛ لأن الوارد فيه فعل مجرد، كما في حديث عثمان هذا، وحديث عبد الله بن زيد رضي الله عنه في الصحيحين، وحديث علي رضي الله عنه عند أصحاب السنن وغيرهم، وحديث أبي هريرة رضي الله عنه أخرجه الطبراني في الأوسط بإسنادٍ رجاله رجال الصحيح، كما قال الهيثمي (٢).

وليس غسلهما واجباً؛ لأن الله تعالى ذكر الوضوء في القران - كما في اية المائدة - وبدأ بغسل الوجه، ولم يذكر غسل الكفين، قال ابن قدامة: (وليس غسلهما بواجب عند غير القيام من النوم، بغير خلاف نعلمه) (٣). اهـ.

والحكمة من غسلهما أنهما الة الغسل، بهما يؤخذ الماء، وتدلك الأعضاء، فناسب تطهيرهما قبل ذلك.


(١) أخرجه مسلم (٢٧٤) (٧٦).
(٢) "مجمع الزوائد" (١/ ٢٣٠).
(٣) "المغني" (١/ ١٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>