للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد نقل النووي الإجماع على كراهة الزيادة على الثلاث (١)، ودليل ذلك حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: جاء أعرابي إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم يسأله عن الوضوء؟ فأراه ثلاثاً ثلاثاً، قال: «هذا الوضوء، فمن زاد على هذا فقد أساء وتعدى وظلم» (٢).

قال الترمذي بعد حديث علي رضي الله عنه أن النبي صلّى الله عليه وسلّم توضأ ثلاثاً ثلاثاً قال: (والعمل على هذا عند عامة أهل العلم، أن الوضوء يجزي مرة مرة، ومرتين أفضل، وأفضله ثلاث، وليس بعده شيء).

وقال ابن المبارك: (لا امن إذا زاد في الوضوء على الثلاث أن يأثم).

وقال أحمد وإسحاق: (لا يزيد على الثلاث إلا رجل مبتلى) (٣).

وقال إبراهيم النخعي: (تشديد الوضوء من الشيطان، ولو كان هذا فضلاً لأُوثر به أصحاب محمد صلّى الله عليه وسلّم) (٤).

الوجه الثاني عشر: الحديث دليل على فضيلة صلاة ركعتين، والثواب الموعود به مرتب على الأمرين:

الأول: وضوؤه على الكيفية المذكورة، ومنها التثليث.

الثاني: صلاة ركعتين عقب الوضوء بالوصف المذكور، وهو قوله: «لا يُحَدِّثُ فيهما نفسه» أي: لا يفكر في شيء خارجٍ عن صلاته، وقوله: «لا يحدث» يفيد أن المراد ما يسترسل مع النفس مع إمكان دفعه وقطعه، أما ما يهجم على النفس ويتعذر دفعه فهو معفو عنه؛ لأنه ليس في مقدور الإنسان، وظاهر الحديث أنه شامل لحديث النفس في أمور الدين وأمور الدنيا، وخصه بعض العلماء بالثاني، لما ورد عند البخاري تعليقاً أن عمر رضي الله عنه قال: (إني


(١) "المصدر السابق" (٣/ ١١١).
(٢) أخرجه النسائي (١/ ٨٨)، وابن ماجه (٤٢٢)، وأحمد (١١/ ٢٧٧)، والبيهقي (١/ ٧٩) من طريق يعلى بن عبيد، عن سفيان الثوري، عن موسى بن أبي عائشة به، وهذا إسناد حسن، وله طرق أخرى غير هذا في السنن وغيرها، وسيأتي بتمامه إن شاء الله.
(٣) "جامع الترمذي" (١/ ٦٤).
(٤) "المغني" (١/ ١٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>