للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذا القول موافق لظاهر لفظ "الصحيحين"، كما تقدم: " وهو قائم يصلي" فلا يحتاج إلى تأويل.

وقال القرطبي: (وحديث أبي موسى نص في موضع الخلاف، فلا يلتفت إلى غيره، والله أعلم) (١)، وقال أيضًا: (إن رواية: "وهي ساعة خفيفة" يدل على أنها ليست من بعد العصر إلى غروب الشمس لطول هذا الوقت)، وقال النووي: (والصحيح بل الصواب ما رواه مسلم من حديث أبي موسى … ) (٢).

وصحح هذا ابن العربي وقال: (وبه أقول؛ لأن ذلك العمل من ذلك الوقت كله صلاة، فينتظم به الحديث لفظًا ومعنى) (٣).

والقول الثاني: أنها آخر ساعة بعد العصر لحديث عبد الله بن سلام وما جاء في معناه، وهذا قول عبد الله بن سلام، وأبي هريرة، والإمام أحمد، فقد نقل عنه الترمذي أنه قال: (أكثر الأحاديث في الساعة التي ترجى فيها إجابة الدعوة أنها بعد صلاة العصر) (٤)، وهو قول أكثر السلف.

وقد روى سعيد بن منصور عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أن أناسًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم اجتمعوا، فتذاكروا الساعة التي في يوم الجمعة، فتفرقوا ولم يختلفوا أنها آخر ساعة من يوم الجمعة (٥).

فإن قيل بالترجيح فلا شك أن الأحاديث الدالة على أنها آخر ساعة بعد العصر أرجح لقوتها، ولأنه لم يختلف في رفعها، ولأنه قول جمهور الصحابة والتابعين، كما قال ابن القيم، ورجح هذا الشوكاني (٦).

وأما حديث أبي موسى ففيه مرجح واحد، وهو كونه في أحد "الصحيحين" دون بقية الأحاديث، لكن عارض ذلك ما تقدم من إعلاله


(١) "المفهم" (٢/ ٤٩٤).
(٢) "شرح صحيح مسلم" (٦/ ٣٨٩).
(٣) "العارضة" (٢/ ٢٧٥).
(٤) "جامع الترمذي" (٢/ ٣٦١).
(٥) قال الحافظ في "فتح الباري" (٢/ ٤٢١): (إسناده صحيح).
(٦) "نيل الأوطار" (٣/ ٢٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>