للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أما الشاهد من حديث البراء عند ابن خزيمة فلم أقف عليه في مظانه من "صحيح ابن خزيمة"، وقد أخرجه البيهقي (٣/ ١٩٨) من طريق ابن خزيمة، ثنا إسماعيل بن إسحاق - أصله كوفي - بالفسطاط، ثنا محمد بن علي بن غراب، ثنا أبي، عن أبان بن عبد الله البجلي، عن عندي بن ثابت، عن البراء بن عازب رضي الله عنه، قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صعد المنبر أو قال: قعد على المنبر استقبلناه، بوجوهنا) ثم نقل البيهقي عن ابن خزيمة أنه قال: (هذا الخبر عندي معلول) (١).

الوجه الثاني: الحديث دليل على استحباب استقبال الحاضرين الخطيب بوجوههم إذا شرع في الخطبة، سواء كانوا محاذين له أم لا، وليس معنى ذلك أنهم يحقلون حوله، وإنما يبقون على صفوفهم ولو كانت طويلة ويعطي كل واحد منهم وجهه إلى الإمام؛ لأن استقبال الخطيب تهيؤ لسماع كلامه، وسلوك الأدب معه في الاستماع، ولأن ذلك أدعى للفهم، وأحضر للقلب، وأبعد عن الانوم وهو أيضًا أشجع للخطيب إذا رأى المستمع له مصغيًا ومستفيدًا.

قال الترمذي بعد حديث الباب: (والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم، يستحبون استقبال الإمام إذا خطب، وهو قول سفيان الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، ولا يصح في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء).

قال الشوكاني: (وأحاديث الباب وإن كانت غير بالغة إلى درجة الاعتبار، فقد عضدها عمل السلف والخلف على ذلك) (٢).

قال البخاري: " باب يستقبل الإمام القوم، واستقبال الناس الإمام إذا خطب" واستقبل ابن عمر وأنس رضي الله عنه الإمام، ثم ساق حديث أبي سعيد رضي الله عنه قال: (إن النبي صلى الله عليه وسلم جلس ذات يوم على المنبر وجلسنا حوله) (٣).


(١) انظر: "إتحاف المهرة" (٢/ ٤٩١).
(٢) "نيل الأوطار" (٣/ ٢٩٩).
(٣) "فتح الباري" (٢/ ٤٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>