للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولعل الحافظ ذكر حديث ابن عمر رضي الله عنه؛ ليعلم ضعفه، أو يكون شاهدًا لما قبله وإلا ففي الأحاديث المتقدمة ما يغني عنه، بل ويغني عن الجميع حديث ابن عباس رضي الله عنه قال: (فرض الله الصلاة على لسان نبيكم في الحضر أربعًا، وفي السفر ركعتين، وفي الخوف ركعة) (١)، وتقدم في "قصر الصلاة"، وكان الأولى بالحافظ أن يذكره هنا، كما فعل ابن عبد الهادي في " المحرر" وغيره.

• الوجه الثاني: هذه الأحاديث دليل على أن صلاة الخوف ركعة واحدة، وذلك بأن يصلي الإمام بإحدى الطائفتين ركعة، ثم تذهب ولا تقضي شيئًا، ثم تأتي الطائفة الأخرى فتصف خلفه ويصلي بهم ركعة، ثم يسلم، ولا تقضي شيئًا، فتكون لكل طائفة ركعة، وللإمام ركعتان، وهذا على أن صلاة الخوف تقصر كمية وكيفية، وتكون هذه صفة خامسة، وقد قال بذلك ابن عباس وجابر وأبو هريرة وأبو موسى رضي الله عنه وجماعة من التابعين، قال الموفق ابن قدامة: (وكلام أحمد يقتضي كون هذا الوصف من الوجوه الجائزة، إلا أن أصحابه قالوا: لا تأثير للخوف في عدد الركعات، فيدل على أن هذا ليس بمذهب له) (٢)، وذكر المرداوي أنهم حملوا هذه الصفة على شدة الخوف (٣).

• وقال أكثر أهل العلم منهم: ابن عمر رضي الله عنه، والنخعي، والثوري، ومالك، والشافعي، وأبو حنيفة، وغيرهم رحمهم الله: لا تأثير للخوف في عدد الركعات، فلا تنقص عن ركعتين (٤) وحملوا هذه الأحاديث على أن المراد ركعة مع الإمام وركعة أخرى يأتي بها المصلي منفردًا، كما جاء في الأحاديث الأخرى، ذكر ذلك النووي، ثم قال: (وهذا التأويل لابد منه للجمع بين الأدلة، والله أعلم) (٥).

وهذا التأويل فيه نظر، فإن قوله: (لم يقضوا) نص صريح على أنهم


(١) أخرجه مسلم (٦٨٧).
(٢) "الكافي" (١/ ٤٧٢).
(٣) "الإنصاف" (٢/ ٣٥٦).
(٤) "المغني" (٣/ ٣١٥).
(٥) "شرح صحيح مسلم" (٥/ ٢٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>