للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بكر البزار: (لم يسمع ابن المنكدر من أبي هريرة)، وقال أبو زرعة: (لم يلقه)، وروى الترمذي (٦٩٧) من طريق عثمان بن محمد الأخنسي، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الصوم يوم تصومون، والفطر يوم تفطرون والأضحى يوم تضحون"، وقال الترمذي: (هذا حديث حسن غريب)، وفي الأخنس كلام يسير، وقد حسنه أيضًا النووي (١)، فهذه الأحاديث يقوي بعضها بعضا.

• الوجه الثاني: الحديث دليل على أن الصوم والفطر مع الجماعة ومعظم الناس، وعلى هذا فلو رأى الهلال وحده وردت شهادته، فإنه لا يصوم إلا مع الناس، ولا يفطر إلا مع الناس.

وهذا القول رواية عن الإمام أحمد، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية (٢) لحديث الباب؛ ولأن الشهر هو ما اشتهر وظهر، والهلال ما استهل به وأعلن، وليس ما يظهر في السماء من غير رؤية ولا اشتهار.

والقول الثاني: أنه يصوم إذا رأى هلال رمضان، ولا يفطر إذا رأى هلال شوال إلا مع الناس، وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد، وهو قول مالك وأبي حنيفة (٣)، ووجه ذلك أنه رأى هلال رمضان فلزمه العمل بما رأى، ولأنه يثبت بشهادة واحد، وأما الفطر فلا يفطر؛ لأنه لا يثبت إلا بشاهدين.

والقول الثالث: أنه يصوم إذا رأى هلال رمضان، ويفطر إذا رأى هلال شوال سرًا، وهذا مذهب الشافعي؛ لأنه رأى الهلال فيلزمه العمل بما يتقن، ولكن يلزمه سرًا، لئلا يخالف الجماعة (٤).

والقول الأول أظهر لقوة دليله، ولأن فيه جمع كلمة المسلمين وعدم تفرقهم، وهذا من أعظم المقاصد الشرعية، والله تعالى أعلم.


(١) "الخلاصة" (٢/ ٨٣٩).
(٢) "الفتاوى" (٢٥/ ١١٤ - ١١٧).
(٣) انظر: "الهداية" (١/ ١٢٠)، "مختصر خليل" ص (٥٨)، "المغني" (٤/ ٤١٦، ٤٢٠).
(٤) انظر: "المهذب" (١/ ٢٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>