للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أيام عمر ومسألته أبا وقد، لكن أخرجه مسلم من طريق ضمرة بن سعد، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن أبي واقد الليثي قال: سألني عمر بن الخطاب عما قرأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم في العيد … (١).

وهذا سند متصل؛ لأن عبيد الله أدرك أبا واقد بلا شك، وسمعه بلا خلاف.

• الوجه الثالث: الحديث دليل على مشروعية القراءة بهاتين السورتين في صلاة العيد، وهما سورة {ق} و {اقتربت الساعة}، ولعل الحكمة في ذلك والله أعلم ما اشتملت عليه السورتان من الإخبار عن ابتداء الخلق وذكر البعث والنشور وأحوال القيامة، كما أن فيهما الإخبار عن القرون الماضية وإهلاك المكذبين، وفي قراءتهما أيضًا تشبيه بروز الناس للعيد وخروجهم إلى المصلى ببروزهم للبعث وخروجهم كأنهم جراد منتشر، وكل ذلك فيه عظة للسامعين، وتوجيههم إلى الخير، وتذكيرهم بأهوال يوم القيامة.

وقد تقدم في باب " الجمعة" حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في العيدين وفي الجمعة بـ {سبح اسم ربك الأعلى} و {هل أتاك حديث الغاشية} قال: وإذا اجتمع العيد والجمعة في يوم واحد يقرأ بهما أيضًا في الصلاتين) (٢).

• الوجه الرابع: الحديث دليل على أن من تواضع العالم الكبير أن يسأل من هو دونه؛ لأن عمر رضي الله عنه سأل أبا واقد الليثي مع أن عمر رضي الله عنه أقدم منه إسلامًا وأعلم منه وأكثر ملازمة للنبي صلى الله عليه وسلم، وقد ذكر العلماء؛ كالقرطبي والنووي وغيرهما احتمالات عديدة لسؤال عمر أبا واقد، فمنها: أن عمر شك في ذلك فاستثبته من أبي واقد، أو أراد إعلام الناس بذلك، أو أنه نسي فاستذكر بسؤاله، وقيل غير ذلك (٣)، والعلم عند الله تعالى.


(١) "صحيح مسلم" (٨٩١).
(٢) أخرجه مسلم (٨٧٨).
(٣) "المفهم" (٢/ ٥٣٢)، "شرح النووي على صحيح مسلم" (٥/ ٤٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>