قوله:(أبدلكم الله بهما) أي: في مقابلتهما، والمعنى: أن الله تعالى أبطل ما كانوا يعملون في هذين اليومين من أعمال الجاهلية، وشرع في مقابلتهما يومي العيدين.
قوله:(خيرًا منهما) هذا أفعل تفضيل ليس على بابه، إذ لا خيرية في يوميهما، وهذا يقتضي الاعتياض بما شرع لنا عما كان في الجاهلية.
* الوجه الثالث: الحديث دليل على أن الله تعالى جعل يوم الفطر ويوم الأضحى يومي بهجة وفرح وسرور واجتماع على طاعة الله تعالى بدلًا من أعياد الجاهلية القائمة على اللعب واللهو والغفلة.
فيوما الفطر والأضحى يومان عظيمان، فيهما شكر الله تعالى على ما من به من صيام رمضان وقيامه، وأداء ما تيسر من المناسك والأضاحي، وذلك كله خير عظيم.
• الوجه الرابع: الحديث دليل على أن إظهار السرور في العيدين أمر مندوب إليه، وذلك من يسر الشريعة التي شرعها الله تعالى لعباده، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما أبطل عيدي الجاهلية ذكر البديل عنهما لئلا تبقى النفوس متطلقة إليهما، ويأتي من يروج لهما، وذلك أن كل قوم لهم يوم يتخذونه عيدًا يتجملون فيه ويخرجون من بلادهم بزينتهم، العرب والعجم في ذلك سواء، فشرع الله تعالى للمسلمين هذين العيدين العظيمين.
وإظهار الفرح والسرور في العيدين مقيد بما ليس بمحظور أو شاغل عن طاعة الله تعالى، مما عليه كثير من الناس في هذا الزمان، وقد ورد عن عائشة رضي الله عنه قالت: (دخل أبو بكر وعندي جاريتان من جواري الأنصار تغنيان بما تقاولت الأنصار به يوم بعاث، وليستا بمغنيتين، فقال أبو بكر: أبمزمور الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وذلك في يوم عيد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" يا أبا بكر إن لكل قوم عيدًا، وهذا عيدنا") (١).