للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما حديث أبي بكرة رضي الله عنه: فقد أخرجه البخاري في الباب المذكور أولًا (١٠٤٠) من طريق خالد، عن يونس، عن الحسن، عن أبي بكرة قال: (كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فانكسفت الشمس، فقام النبي صلى الله عليه وسلم يجر رداءه حتى دخل المسجد فدخلنا، فصلى بنا ركعتين حتى انجلت الشمس، فقال صلى الله عليه وسلم: " إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد، فإذا رأيتموهما فصلوا، وادعوا، حتى يكشف ما بكم".

• الوجه الثاني: في شرح ألفاظهما:

• قوله: (انكسفت الشمس) المحققون من أهل العلم على أن الكسوف لم يقع في زمن النبي صلى الله عليه وسلم إلا مرة واحدة، وهذا قول ابن تيمية وابن القيم وآخرين، وذهب الإمام الشافعي وابن حزم وجماعة إلى تعدد الكسوف في زمنه صلى الله عليه وسلم، وسيأتي ذلك.

قوله: (يوم مات إبراهيم) أي: ابنه صلى الله عليه وسلم إبراهيم، وهو من مارية القبطية رضي الله عنها، وكان ميلاده في ذي الحجة سنة ثمان، مات وهو ابن ستة عشر شهرًا أو ثمانية عشر شهرًا (١).

قوله: (فقال الناس) أي: بعض الناس.

قوله: (انكسفت الشمس لموت إبراهيم) أي: لعظم المصيبة، وهذا كان من معتقدات الجاهلية، وهو أن الشمس لا تنكسف إلا لموت عظيم، فجاء كسوفها في الوقت المناسب لإبطال هذه العقيدة، وهذا من حكمة الله تعالى.

قوله: (آيتان من آيات الله) أي: علامتان على كمال الله وقدرته وحكمته، وتصرفه في هذا الكون، وقد ورد في حديث أبي مسعود الأنصاري: " يخوف الله بهما عباده".

قوله: (لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته) اللام للتعليل، وذكر الحياة لأجل التعميم، وهذا إبطال لاعتقاد الجاهلية، وفيه بيان أن الحوادث الأرضية


(١) "البداية والنهاية" (٨/ ٢٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>