للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الألباب: {ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا} [آل عمران: ١٦]، ومن ذلك توسل أصحاب الغار الثلاثة الذين سدت عليهم الصخرة باب الغار، فتوسل أحدهم إلى الله تعالى ببر الوالدين، والثاني بعفته عن الزنا، والثالث بأدائه الأمانة، ففرج الله عنهم (١).

٣ - التوسل إلى الله تعالى بدعاء رجل صالح ترجى إجابته؛ كطلب الصحابة رضي الله عنهم من النبي صلى الله عليه وسلم أن يستسقي لهم، كما في حديث أنس رضي الله عنه المتقدم، وقول عكاشة للنبي صلى الله عليه وسلم: (ادع الله أن يجعلني منهم)، ومنه التوسل بالعباس، كما في حديث الباب.

وشرط هذا أن يكون في حياة الداعي لا بعد موته؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم لم يلجأوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته ليدعو لهم، كما كان يدعو في حال حياته، بل طلبوا من العباس أن يدعو لهم بالسقيا؛ لأنه حي حاضر يدعو لهم ويؤمنون على دعائه.

على أن بعض العلماء ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية منع طلب الدعاء من الرجل الصالح (٢)، لما فيه من ضعف النفس، وقلة التوكل على الله تعالى، ومفسدة الافتقار إلى غير الله تعالى وإيذاء المسؤول، كما أن فيه فتحًا لباب الغرور على من يطلب منه الدعاء، فالأولى أن يسأل الإنسان ربه تعالى بنفسه دون أن يجعل بينه وبين ربه واسطة؛ لأن ذلك أقوى في الرجاء وأقرب إلى الخشية.

وأما التوسل الممنوع فهو نوعان:

١ - توسل إلى الله تعالى بوسيلة أبطلها الشرع، وذلك كالاستغاثة بالأموات والأولياء، وتوسل المشركين بآلهتهم، بطلان هذا النوع ظاهر.

٢ - توسل إلى الله بوسيلة غير مشروعة، كالتوسل بذات النبي صلى الله عليه وسلم أو بجاهه أو بغيره من الأنبياء أو التوسل بذوات الصالحين أو بجاه فلان، فهذا


(١) الحديث اْخرجه البخاري (٥٩٧٤)، ومسلم (٢٧٤٣).
(٢) "التوسل والوسيلة" ص (٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>