للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من الإبل والغنم والخيل والرقيق، قال: " فإذا أتاك الله مالًا فلير أثر نعمة الله عليك وكرامته" (١).

• الوجه الثاني: الحديث دليل على استحباب إظهار نعمة الله على عبده إذا أعطاه الله تعالى ووسع عليه، فيظهر أثر النعمة في لباسه ومأكله ومسكنه، وهذا نوع من شكر الله تعالى على نعمه، ولهذا كان محبوبًا لله تعالى، ولا يتشبه بالفقراء والمعدمين؛ لأن هذا نوع جحد لنعمة الله تعالى وإظهار شكوى، ودعوى للفقر؛ لأن لسان الحال كلسان المقال، وهذا الإظهار المطلوب مقيد بقيدين دلت عليهما نصوص الشريعة:

الأول: ألا يصل إلى حد الإسراف.

الثاني: ألا يكون بقصد الفخر والخيلاء وكسر قلوب الفقراء واحتقارهم.

وقد دل قوله: (إذا أنعم على عبد نعمة) أن المراد بالحديث من عنده سعة من المال، أما من ليس عنده مال فلا يبنغي أن يقترض ويتظاهر أمام الناس بما ليس له حقيقة، فإن هذا من الزور.

وأما حديث أبي أمامة بن ثعلبة الأنصاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن البذاذة من الإيمان، إن البذاذة من الإيمان" (٢)، والمراد بالبذاذة: رثاثة الهيئة والتواضع في اللباس، وأن ذلك من أخلاق أهل الإيمان، فلا تعارض بين هذا الحديث وحديث الباب؛ لأن معنى هذا الحديث والله أعلم أنه إذا ترك التجمل في بعض الأحيان وأظهر البذاذة فلا بأس به من باب التواضع وكسر النفس عن تكبرها وترفعها على غيرها، فإذا فعله من هذا الباب كان حسنًا، لكن لا يكون عادة دائمة.


(١) أخرجه أبو داود (٤٠٦٣)، وأحمد (٢٥/ ٢٢٦)، والحاكم (٤/ ٢٠١)، وقال: (هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه) وسكت عنه الذهبي.
(٢) أخرجه أبو داود (٤١٦١)، وابن ماجه (٤١١٨) وغيرهما، وفي سنده اختلاف، وقد صحَّحه الحافظ في "فتح الباري" (١٠/ ٣٦٨)، وتكلم عليه الألباني في "الصحيحة" رقم (٣٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>