للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (المعصفر) بصيغة اسم المفعول من الرباعي، وهو الثوب المصبوغ بالعصفر، وهو بضم العين والفاء، نبات يستخرج من أزهاره صبع أحمر، يصيغ به الحرير ونحوه.

قوله: (أمك أمرتك بهذا؟) استفهام إنكاري، ومعناه: أن هذا من لبس النساء وزيهن أخلاقهن.

• الوجه الثالث: الحديث دليل على تحريم بس الثياب المضلعة بالحرير على الرجال، وهذا مراد به إذا كان أكثره حريرًا.

• الوجه الرابع: في الحديثين دليل على أن الرجل منهي عن لبس الثوب المعصفر، وهذا قول للحنفية، والصحيح من مذهب الحنابلة (١)، لكنهم يعبرون عن النهي بالكراهة، وهي كراهة التنزيه، كما هو اصطلاح المتأخرين.

والصواب القول بالتحريم لما ورد في حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه: " إن هذه من ثياب الكفار فلا تلبسهما" (٢)، فعلل ذلك بأنها من لباس الكفار، ولأنه أمره بإحراقهما.

وذهب الجمهور، ومنهم: الشافعية والحنفية والمالكية إلى جواز لبس المعصفر، واستدلوا بأنه صلى الله عليه وسلم لبس حلة حمراء، كما ورد في حديث أبي جحيفة (٣)، وقال البراء رضي الله عنه: (كان النبي صلى الله عليه وسلم مربوعًا، وقد رأيته في حلة حمراء، ما رأيت شيئًا أحسن منه) (٤).

وقد نقل البيهقي عن الشافعي ما يفيد أن النهي خاص بعلي رضي الله عنه لما جاء في بعض الروايات أنه قال: (نهاني ولا أقول: نهاكم) (٥).

والصواب القول الأول، وهو الذي رجحه البيهقي في " المعرفة"، وقال بعد أن حكى قول من كرهه ومن أجازه: (والسنة ألزم) (٦)؛ لأنه قد تقرر في


(١) "مجمع الأنهر" (٢/ ٥٣٢)، "الإنصاف" (١/ ٤٨١).
(٢) أخرجه مسلم (٢٠٧٧).
(٣) أخرجه البخاري (١٨٧)، ومسلم (٥٠٣).
(٤) أخرجه البخاري (٥٨٤٨).
(٥) أخرجه مسلم (٤٨٠) (٢١١).
(٦) "معرفة السنن والآثار" (٢/ ٤٥١)، "شرح صحيح مسلم" للنووي (١٣/ ٢٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>