للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الوجه الرابع: ظاهر الحديث أن الضر عام في الدنيوي والأخروي، وقد حمله جماعة من السلف على الضر الدنيوي، فإن وجد الضر الأخروي بأن خشي الفتنة في دينه لم يدخل في النهي.

وقد ورد حديث أنس عند النسائي من طريق حميد عنه بلفظ: " لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به في الدنيا" (١). والاستدلال به على أن (في) سببية، أي: بسبب أمر من أمور الدنيا (٢).

وقد ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول: يا ليتني مكانه" (٣). وفي حديث معاذ الطويل عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيه: " اللهم إني أسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين، وأن تغفر لي وترحمني، وإذا أردت بقوم فتنة فتوفني غير مفتون" (٤).

• الوجه الخامس: النهي عن تمني الموت مقيد بما إذا لم يكن على هذه الصيغة: " اللهم أحيني … " إلخ؛ لأن في هذه الصيغة المأمور بها نوع تفويض وتسليم للقضاء، والله تعالى هو العالم بحقائق الأمور وعواقبها، وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم بذلك كما في حديث عمار بن ياسر رضي الله عنه وفيه: " اللهم بعلمك الغيب، وقدرتك على الخلق، أحيني ما علمت الحياة خيرًا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرًا لي … " الحديث (٥).

• الوجه السادس: قد امتثل الصحابة رضي الله عنهم هذا النهي، فهذا أنس رضي الله عنه


(١) "سنن النسائي" (٤/ ٣)، وأخرجه -أيضًا- ابن حبان (٧/ ٢٣٢)، وإسناده قوي على شرط مسلم.
(٢) انظر: "فتح الباري" (١٠/ ١٢٨).
(٣) أخرجه البخاري (٧١١٥)، ومسلم في "الفتن" (٥٣) (١٥٧).
(٤) أخرجه الترمذي (٣٢٣٥)، وأحمد (٣٦/ ٤٢٢) وقال الترمذي: (هذا حديث حسن صحيح، سألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث، فقال: "هذا حديث صحيح").
(٥) أخرجه أحمد (٣٠/ ٢٦٤ - ٢٦٥) وهو حديث صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>