للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد توبع قتادة في روايته، فرواه كهمس، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه، به، أخرجه النسائي (٤/ ٦)، وكهمس هو ابن الحسن التميمي، ثقة من رجال الجماعة، والحديث إسناده صحيح.

وقد مر في مقدمة " البلوغ" أن مراد الحافظ بالثلاثة: أبو داود والترمذي والنسائي، وهذا الحديث رواه ابن ماجه، ولم يروه أبو داود.

• الوجه الثاني: الحديث دليل على أن المؤمن يموت بعرق الجبين.

والعرق بالفتح: الماء الذي يخرج من الجسد عند المشقة أو الحرارة. وقد عد الألباني (١) ذلك من علامات حسن الخاتمة، وقد فسر الحديث بمعنيين:

المعنى الأول: أن الحديث كناية عن كد المؤمن ومشقته في طلب الحلال وأداء الصوم والصلاة ومراعاة أحكام الدين حتى الموت.

المعنى الثاني: أنه كناية عن الشدة والمشقة التي يلقاها المؤمن عند الموت وسكراته تطهيرًا له من الذنوب، وهذا هو الأقرب.

وقد ورد الحديث عند أحمد (٢) وغيره بالطريق المذكور عن ابن بريدة عن أبيه، أنه كان بخراسان، فعاد أخًا له وهو مريض، فوجده بالموت؛ وإذا هو يعرق جبينه، فقال: (الله أكبر، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " موت المؤمن بعرق الجبين"). فهذا يؤيد المعنى الثاني؛ ولأن شدة النزع أمر ثابت.

وقد ورد في حديث عائشة رضي الله عنها قالت: (لما نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم طفق يطرح خميصة له على وجهه؛ فإذا اغتم بها كشفها … ) الحديث (٣).

فالموت له سكرات لكنها قد تخفف على إنسان وتشدد على آخر، نسأل الله أن يعيننا على الموت، ويخفف عنا سكراته. والله تعالى أعلم.

* * *


(١) "أحكام الجنائز" ص (٣٥).
(٢) "المسند" (٣٨/ ١٢٩).
(٣) أخرجه البخاري (٤٣٥)، ومسلم (٥٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>