للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذا التلقين إنما هو عند الاحتضار. والمراد بقوله: (موتاكم): من حضره الموت، لا من مات. وأما التلقين بعد الموت ووضعه في القبر فهذا بدعة، وسيأتي في موضعه إن شاء الله.

وحكمة هذا التلقين لأجل أن تكون هذه الكلمة العظيمة آخر كلامه من الدنيا فيدخل الجنة.

وقد ورد في حديث أبي هريرة رضي الله عنه زيادة عند البزار وابن حبان: (فإنه من كان آخر كلمته: لا إله إلا الله عند الموت دخل الجنة يومًا من الدهر، وإن أصابه قبل ذلك ما أصابه" (١).

والمراد بالتلقين: أن يأمر المحتضر بقول: لا إله إلا الله، وهذا إذا كان قويًا يتحمل؛ فإن كان لا يستطيع لضعفه فإنه يقولها عنده بحيث يسمعها ويكفي، وقد ورد عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاد رجلًا من الأنصار، وفي رواية: من بني النجار، فقال: " يا خال، قل: لا إله إلا الله فقال: أخال أم عم؟ فقال: " لا، بل خال قال: فخير لي أن أقول: لا إله إلا الله. فقال صلى الله عليه وسلم: "نعم" (٢).

والتلقين يكون مرة واحدة لحصول المقصود، ولئلا يضجره فيقول: لا أقول، أو يتكلم بغيرها مما لا يليق، لضيق حاله وشدة كربه.

فإن تكلم بعد التلقين أعاد تلقينة مرة أخرى، لحديث معاذ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة" (٣).

الوجه الثالث: الحديث دليل على استحباب حضور المحتضر لتذكيره وتأنيسه وإماض عينيه والقيام بحقوقه. وقد يكون واجبًا بناءً على ما تقدم، والله تعالى أعلم.


(١) رواه البزار (١/ ٦١) "مختصر زوائده"، وابن حبان (٧/ ٢٧٢)، وفي سند ابن حبان: محمد بن إسماعيل الفارسي، ذكره في "الثقات" (٩/ ٧٨) وقال: (يُغرب)، وقد روي موقوفًا كما في "مصنف عبد الرزاق" (٦٠٤٥).
(٢) أخرجه أحمد (٢٠/ ١٨)، وإسناده صحيح على شرط مسلم.
(٣) أخرجه أبو داود (٣١١٦)، وأحمد (٣٦/ ٣٦٣)، والحاكم (١/ ٣٥١)، وحسنه الألباني في "الإرواء" (٣/ ١٥٠)، وصححه الحاكم، وسكت عنه الذهبي، وله شاهد من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عند البزار وابن حبان، وتقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>