للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ابن عقيل، وبه قال جماعة من الحنفية والمالكية، وهو مذهب الشافعية، لعموم النهي عن الصلاة في المقبرة (١).

القول الثاني: تصح من غير كراهة، وهو المذهب عند الحنابلة، وهو قول جماعة من الحنفية والمالكية، وهو قول الظاهرية (٢). ودلي لذلك ما رواه ابن جريج، قال: قلت لنافع: أكان ابن عمر يكره أن يصلي وسط القبور؟ قال: لقد صلينا على عائشة وأم سلمة رضي الله عنها وسط البقع، والإمام يوم صلينا على عائشة رضي الله عنها أبو هريرة رضي الله عنه، وحضر ذلك ابن عمر (٣)، وقال ابن المنذر: (وكان عمر بن عبد العزيز يفعل ذلك) (٤).

كما استدلوا بالقياس على صلاته صلى الله عليه وسلم على القبر، قالوا: فلا فرق بين أن يصلى على جنازة مدفونة أو غير مدفونة لأن العلة واحدة، وهو أن هذا الميت الذي يصلى عليه في المقبرة (٥)، وقد أشار ابن القيم إلى ذلك فقال: (لا فرق بين كون الميت على النعش وعلى الأرض وبين كونه في بطنها) (٦).

وهذا القول وجيه في نظري، لقوة مأخذه؛ ولأن فيه مصلحة للميت بكثرة المصلين عليه، وهو تأخير يسير، وينبغي التنبيه على أنه لا ينبغي للناس أن يعتادوا الصلاة على جنائزهم في المقبرة؛ وإنما المقصود بهذا البحث أنه لو فات بعض الناس الصلاة عليها في المسجد فلا بأس أن يصلوا عليها في المقبرة، والله تعالى أعلم.

* * *


(١) "بدائع الصنائع" (١/ ٣١٠)، "بداية المجتهد" (٢/ ٤٨)، "المجموع" (٥/ ٢٦٨)، "فتح الباري" لابن رجب (٣/ ٢٠١)، "الإنصاف" (١/ ٤٩٠).
(٢) "بداية المجتهد" (٢/ ٤٨١)، "المحلى" (٤/ ٣٢)، الأصل (١/ ٣٧٢)، "المغني" (٣/ ٤٢٣).
(٣) رواه عبد الرزاق (٦٥٧٠)، وابن المنذر في "الأوسط" (٢/ ١٨٥)، والبيهقي (٢/ ٤٣٥)، وإسناده صحيح.
(٤) "الأوسط" (٥/ ٤١٧).
(٥) انظر: "إعلام الموقعين" (٢/ ٣٤٦ - ٣٤٧)، "الشرح الممتع" (٢/ ٢٣٦).
(٦) "زاد المعاد" (٤/ ٢٠٠)، "فتح الباري" لابن رجب (٣/ ٢٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>