للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الوجه الثالث: الحديث دليل على استحباب تكثير المصلين على الجنازة وأن من صلى عليه هذا العدد وهم أربعون بالوصف المذكور وهو أنهم لا يشركون بالله شيئًا فإن الله تعالى يقبل شفاعتهم فيه، وهذا من فضل الله تعالى ورحمته بعباده.

وقد ورد في حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قالت: " ما من ميت صلى عليه أمة من المسلمين يبلغون مئة كلهم يشفعون له إلا شفعوا فيه" (١).

وقد ذكر القاضي عياض أن هذه الأحاديث خرجت أجوبة لسائلين سألوا ذلك فأجاب كل واحد عن سؤاله (٢).

وذكر النووي أنه يحتمل أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بقبول شفاعة مائة فأخبر به، ثم بقبول شفاعة أربعين فأخبر به. أو يقال: إن هذا من باب مفهوم العدد، فلا تنافي بينها، ويعمل بجميع الأحاديث، وتقبل الشفاعة بأدناها، فيكون الأقل من العددين متأخرًا عن الأكثر، لأن الله تعالى منعم متفضل إذا وعد المغفرة لمعنى لم يكن من سنته النقصان من الفضل الموعود بعد ذلك بل يزيد تفضلًا، فيدل على زيادة تفضل الله وكرمه على عباده، ولعل الحافظ نظر إلى هذا المعنى عندما ذكر حديث ابن عباس رضي الله عنه وترك حديث عائشة رضي الله عنها في المائة، وكلاهما في " صحيح مسلم".

• الوجه الرابع: الحديث دليل على إثبات الشفاعة للمؤمنين، وأن شفاعة المصلين للميت مقبولة ونافعة بإذن الله تعالى بالوصف المذكور وهو أن يكون الشافع لا يشرك بالله شيئًا والمشفوع فيه كذلك والشفاعة في رفع درجات المؤمنين نوع من أنواع الشفاعة التي يذكرها أهل العلم.

والشفاعة لابد فيها من إذن الله تعالى للشافع أن يشفع، لكن لما أمر الله تعالى المسلم أن يدعو لأخيه الميت، صار هذا الأمر إذنًا بالشفاعة وزيادة (٣)، والله تعالى أعلم.


(١) أخرجه مسلم (٩٤٧).
(٢) "إكمال المعلم" (٣/ ٤٠٧).
(٣) "القول المفيد على كتاب التوحيد" (١/ ٣٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>